كتبت البارحة مقالا عن حالة من حالات الترحال السياسي، وقد استغربت من أولئك الذين راسلوني يسألون عن اسم الشخص الذي أعنيه وازدادت غرابتي من أولئك الذي أسقطوا المقال على صديق لهم أو مقرب منهم، وبعضهم اتهمني بإفشاء الأسرار!
ولكل من سأل عن اسمه أو أسقط المقال على شخص ما، أقول له: كان مرادي من المقال هو تحليل الحالة وتأمل أبعادها وزواياها، إضافة إلى البعد الساخر الذي لمس بعض جوانب الحالة، وليس في الامر سر فحادثة المقهى شهدها أزيد من 7 أشخاص وقد أغفلت ذكر هذه النقطة الهامشية لأنني أصلا لم أذكر الاسم، فمن أسقط المقال على صديق له أو مقرب منه فذلك شأنه وينبغي أن يُحاسب نفسه على وضع أصدقائه في مظان السوء والريبة ومن كان ذا فضول وحب استطلاع فيؤسفني عدم تلبية طلبه.
وامتدادا للمقال السابق وانطلاقا من تحليل هذه الحالة وغيرها من حالات الانتقال السياسي، أود أن أقدم هنا مجموعة من النصائح لإخوتي رفاق السلاح والكفاح شباب المعارضة:
1- الاستقلال المادي: افتح مشروعا أو واصل دراستك وتوظف بشهادتك، فإن لم تتمكن من كل هذا قم بالهجرة وتغرب عن وطنك في سبيل تحصيل لقمة العيش، إن الاكتفاء الذاتي من الناحية المادية أمر مهم يضمن استمرار موقفك السياسي، فمعظم قادة الفعل المؤثر كانوا أغنياء أو أبناء طبقات غنية أمثال فلاديمير لينين وتشي غيفارا والمهاتما غاندي.
2- لا تكتب ولا تقل أبدا: من المستحيل أن أؤيد الحزب الحاكم. أو: إذا رأيتموني أؤيد عزيز فاحثوا في وجهي التراب. وغيرها من الجمل المثالية، فالسياسة فن الممكن ومهنة المصالح وتقوم على أساليب البراغماتية وفيها تجري كل التحولات والتقلبات والتبديلات والتعديلات، قد يسقط عزيز غدا وتصبح المعارضة موالاة وتمسي الموالاة معارضة.
3- يؤسفني إبلاغك بأن الأحزاب المعارضة خلال السنوات الاخيرة أحزاب فاشلة، وتوجد فجوة كبيرة بين زعمائها وشبابها، ولا يليق بك إذا كنت مناضلا كبيرا أو معارضا ذا مكانة أن تنضوي تحت لواء أحد أحزابها، لذا كن معارضا مستقلا، وإلا فإنهم سيركبون ظهرك ليقطفوا الثمار في أقرب حوار سياسي ولن يبقى لك إلا تكرار والذاريات.
4- لا تربط العلاقات الإنسانية بالمواقف السياسية، فإن ذلك تطرفا وغلوا لا ينبغي، فالموقف السياسي لا يعني العداوة والاختلاف السياسي لا يعني القطيعة والمعارضة لا تعني الحقد، وبإمكانك عزيزي أن تصافحَ كلَّ موالٍ وأن تعانق كلَّ مؤيد للنظام، والخلافات السياسية أتفه من أن تخسر لأجلها العلاقات الإنسانية لتجد نفسك ذات يوم قد تحولت وصرت تُصافح من كنت تمتنع عن مصافحة رفيقك لأن رفيقك صافحه!