بين صفعة إسقاط المقاتلة بنيران الدفاعات الجويّة السوريّة، وبين الصفعة التي وجهها رئيس الوزراء الهنديّ إلى “صديقه” رئيس الوزراء الإسرائيليّ عندما وصف الرئيس الفلسطينيّ الراحل، الشهيد ياسر عرفات،بأنّه من أعظم القادة التاريخيين في العالم، تمكّن نتنياهو من تلقّي صفعةً مُجلجلةً من الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، الذي يُعتبر الأكثر صداقةٍ لإسرائيل، كما قالت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، لافتةً في عنوانها الرئيسيّ وبالبنط العريض إلى إنّ نتنياهو هو من الزعماء القلائل الذين يحصلون على “وسام الكذب” من الإدارة الأمريكيّة.
فقد كذّب البيت الأبيض، ليل الاثنين، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو حول مباحثاته مع الإدارة الأمريكيّة بشأن خطة إسرائيل لضمّ مناطق بالضفة الغربية. ووصف المتحدث باسم البيت الأبيض جوش رافيل التقرير بأنّه غير صحيح. وأضاف: لم تبحث الولايات المتحدة وإسرائيل قط مثل هذا المقترح ولا يزال تركيز الرئيس منصبًا على مبادرته للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وفي وقت سابق أمس الاثنين، قال نتنياهو إنّه يبحث مع الإدارة الأمريكية مشروع قانون سيؤدي إلى ضمّ مستوطنات الضفة الغربية المحتلة. ونقل متحدث عن نتنياهو قوله لنواب حزب الليكود اليميني الذي يتزعمه إنّه فيما يتعلق بموضوع فرض السيادة بإمكاني أن أقول لكم إني أتحدث منذ فترة مع الأمريكيين حول ذلك.
ويُضاف هذا التكذيب إلى سلسلة من الأكاذيب التي أطلقها نتنياهو، والتي عقّب عليها كبار المسؤولين الغربيين، ووصفوها بالكاذبة. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، في كتابه الذي جاء تحت عنوان السلام المفقود، خفايا الصراع حول سلام الشرق الأوسط، استعرض المبعوث الأمريكيّ الخاص لمنطقة الشرق الأوسط سابقًا، دنيس روس، من خلاله جولاته المكوكية إلى تل أبيب ورام الله، وتضمن الكتاب ألفاظًا نابية وقاسية بحق رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو. وكتب المبعوث روس، وهو يهوديّ، فيما كتب عن نتنياهو إنّه يتمتع بشخصية لا يمكن للإنسان العادي أنْ يتحملها، إنسان متعجرف ومتكبر، ويحاول أنْ يُصور للعالم بأنّه الأكثر ملائمة لـمعالجة العرب.
وجاء أيضًا في كتاب روس، الذي تمّت ترجمته إلى اللغة العربيّة، إنّه بعد اللقاء الأول بين نتنياهو كرئيس للوزراء في إسرائيل وبين الرئيس الأمريكي آنذاك، بيل كلينتون، قال الأخير لمساعديه إنّ نتنياهو يعتقد أن إسرائيل هي الدولة العظمى، ونحن في أمريكا علينا أن نتصرف وفق الإملاءات الإسرائيلية، مضيفًا أنّ أفكاره مبنية على معتقدات سياسية، وهو كل الوقت يخشى من أنْ يقوم أعضاء حكومته بالتصدّي له فيما إذا تلفظ بكلمة انسحاب، على حدّ تعبيره.
وقال الرئيس الأمريكي السابق كلينتون: كتاب السلام المفقود هو الحساب الحاسم لأزمنة متهيجة، حفلت في الغالب بصراعات عانت من التشوهات والعذابات ضمن عملية سلام الشرق الأوسط، يستعرضها من مقدمة ركب ذلك السباق أحد اللاعبين الأساسيين، ذلك هو دينيس روس. فلا يوجد أحد عمل بقوّةٍ من أجل السلام أكثر من دينيس، فقد أعطى ذلك السلام كل شيء يملكه، فخدم أمتّنا بطريقة جيدة جدًا، وها هو الآن يقدم لنا حسابًا غنيًا عمّا حدث، وذلك أمر مهم لفهم الماضي والمسارات المحتملة للمستقبل، على حد قوله.وفي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2011، ذكرت وسائل إعلام غربية، نقلاً عن موقع إخباري إلكتروني فرنسي على شبكة الإنترنت أنّ الرئيس الفرنسي آنذاك، نيكولا ساركوزي أبلغ نظيره الأمريكي باراك أوباما في تلك الفترة بأنّه سئم التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو لأنه كذّاب.
وتابعت وسائل الإعلام قائلةً إنّه في حديث ثنائي سري صريح مع أوباما على هامش قمة مجموعة الدول العشرين المتقدمة اقتصاديًا في باريس، سمعه الصحافيون مصادفة لأنّ مكبرات الصوت في قاعة الاجتماعات كانت مفتوحة، قال ساركوزي: لا يمكنني تحمل نتنياهو. إنه كذّاب. وردَّ عليه أوباما قائلاً: أنت سئمت منه، لكننّي مضطر للتعامل معه أكثر منك كل يوم، على حدّ قول أوباما.
وفي وقتٍ لاحقٍ، ذكرت صحيفة (هآرتس) العبريّة بأنّ ساركوزي وصف نتنياهو بالشخص الكذاب خلال مؤتمر الدول الصناعية لأنّه طلب من نتنياهو أنْ تقوم مروحية فرنسية تتواجد على متن الأسطول الفرنسي في البحر المتوسط بنقل شاليط فور الإفراج عنه من مصر إلى القاعدة الجوية في إسرائيل تل نوف، علمًا أنّ الجنديّ الإسرائيليّ يحمل أيضًا الجنسيّة الفرنسيّة.
وفي السياق عينه، عبّرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في نيسان (أبريل) الماضي عن مساندتها لوزير الخارجية زيجمار جابرييل، الذي دفع اجتماع عقده مع مجموعة تنتقد طريقة معاملة إسرائيل للفلسطينيين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إلغاء محادثات بينهما.
وقال نتنياهو فى مقابلة مع صحيفة ألمانية إنّه حاول الاتصال هاتفيًا بجابرييل لتصفية الأجواء بعد إلغاء المحادثات لكن وزير الخارجية الألمانيّ الزائر لم يشأ أنْ يجرى المكالمة. ولدى سؤال ميركل عمّا إذا كانت تساند جابرييل قالت لمجموعة (RND) الصحافية :نعم. لديه ذلك. كنّا على اتصال وثيق أثناء زيارته لإسرائيل.
وألغى نتنياهو محادثات مع جابرييل بعد أنْ التقى الوزير الألمانيّ بأعضاء من منظمة “كسر الصمت” الإسرائيلية التي تنتقدها الحكومة لقيامها بجمع شهادات من قدامى الجنود عن معاملة الجيش للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلّة.
علاوة على ما ذُكر آنفًا، أصدر كاتبان صحافيان أمريكيان كتابًا جديدًا جاء تحت عنوان “قوانين اللعبة 2012″، تناول الانتخابات الرئاسية الأمريكيّة، ونقلا عن الرئيس الأمريكيّ السابق، باراك أوباما، قوله في العام الماضي إننّا جميعًا نعرف بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو كـ”شوكةٍ في المؤخرة”.
(رأي اليوم)