البردويل: رئيس المخابرات الفلسطينية طلب إبعاد مصر عن ملف المصالحة

اثنين, 2017-12-18 01:03

شهدت جلسات مباحثات المصالحة الفلسطينية في القاهرة، شد وجذب وتبادل اتهامات ما أصاب البعض بخيبة أمل في لم شمل الفرقاء الفلسطينيين.
بعد جهود كبيرة بذلتها القيادة المصرية للاتفاق على حسم أبرز ملفات المصالحة، خرج البيان الختامي أمس الخميس 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، بالاتفاق على ملفين فقط من أصل ستة، الأول إجراء الانتخابات العامة الفلسطينية خلال عام، والثاني حسم ملف الحريات العامة. "سبوتنيك" التقت عضو المكتب السياسي لحركة "حماس"، الدكتور صلاح البردويل للتعرف على ملابسات اجتماع القاهرة…إليكم نص الحوار:

سبوتنيك: في البداية…ذكرت في أحد تصريحاتك الصحفية أن حركة فتح تتعمد إثارة اللغط. فماذا كنت تقصد؟

اللغط لم يحدث في الاجتماع الأول للفصائل الفلسطينية، الثلاثاء الماضي، بل قبله بثلاث أيام، حين حضر ماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية لقطاع غزة، وتمنى على حركة حماس تأجيل مناقشة ملفات المصالحة، وأن تتم المباحثات بين حركة فتح وحماس دون الوساطة المصرية، وأكد السيد فرج لرئيس حركة حماس في قطاع غزة الشيخ يحيى السنوار، أن فتح تستطيع مع حماس الوصول لاتفاق دون وساطة خارجية وحتى دون حضور باقي الفصائل الفلسطينية؛ لأنها تشوش وتزيد من تعميق المشاكل، هذا مضمون عرض ماجد فرج ونحن في حركة حماس قد رفضناها واعتبرناه تنصلا من المصالحة، فالفصائل الفلسطينية يجب أن تُحترم، وقد أبلغنا القيادات المصرية بتفاصيل عرض ماجد فرج رئيس المخابرات الفلسطينية، ولكن الجانب المصري لا يريد حدوث تشنجات، وأن تبقى زمام الأمور في يده..فقالوا لنا احضروا الاجتماع ونحن سنتعامل في هذا الأمر.
سبوتنيك: كيف فسرتم كقيادات لحركة حماس هذا العرض من قبل السلطة؟

نحن استفسرنا من ماجد فرج حتى لا نخضع للتحليلات، فقال رئيس المخابرات الفلسطينية "نحن في السلطة الفلسطينية نمر بظروف سيئة جدًا، الولايات المتحدة الأمريكية تضغط علينا وقد أغلقت مقر منظمة التحرير في وشنطن، والإسرائيليون يهددون بقطع أموال الضرائب عنا، إذا مضينا في طريق المصالحة، ونحن لا نستطيع أن نواجه". هكذا كان رد ماجد، فردت حركة حماس، بأن الشعب الفلسطيني وقياداته يتعرضون للضغط منذ 70 عاما،  وتساءلنا ما الذي جد لنضيع فرصة وطنية من أجل ضغوط إسرائيلية، إسرائيل هي العدو والولايات المتحدة لا يمكن أن تكون نزيهةً، بالتالي لا يمكن أن نخضع لشروط هذا المنطق، جلسنا كحركة حماس مع كل الفصائل الفلسطينية ووضعناهم في الصورة، وقد رفضوا هذا الأسلوب وأصروا على تطبيق ماتم الاتفاق عليه في الرابع من مايو/ أيار 2011، حيث لايوجد وقت زائد للتهريج السياسي.

سبوتنيك: علمنا حدوث شد وجذب في الاجتماع الأول للفصائل…هلا أطلعتنا على التفاصيل؟

في الاجتماع الأول بدأ عزام الأحمد رئيس وفد فتح بالقاهرة، يقول إن حماس لم تمكن حكومة الوفاق في قطاع غزة، وكان هناك عبارات جيدة من وكيل المخابرات المصرية اللواء مظهر حين سأل الأحمد "ما المعوقات التى واجهتكم أعطني مثالا؟"، فارتبك الأحمد وقال "وزارة التعليم كانت تريد تعين ١٥٠ موظفا وحماس رفضت" فرد اللواء مظهر "ماذا حدث بعد ذلك؟"، فأجاب الأحمد "تم حل المشكلة وتم تعينهم"، فقال اللواء مظهر "إذًا قد حلت المشكلة لماذا تعتبرها معوقات"، فرد الأحمد "لأنها يمكن أن تتكرر".

سبوتنيك: هل يوجد مؤسسة أو هيئة محددة رفضت حماس تسليمها لحكومة الوفاق؟

العكس تمامًا، السلطة هي من رفضت أن تتسلم وزارة الخارجية في القطاع، وقالت نحن لا نريد مكتبًا لوزارة الداخلية في القطاع ولا نريد موظفين، وهذا نعتبره في حركة حماس نوعًا من الاستفزاز.

سبوتنيك: اتفاق 12 تشرين أول/ أكتوبر2017  نص على رفع العقوبات عن قطاع غزة والتي فرضها أبو مازن من فترة…لماذا لم ترفع حتى الآن؟

تم مناقشة هذا الملف في الاجتماع الأول للفصائل الفلسطينية يوم الثلاثاء الماضي، وحركة فتح رفضت أن تسمى هذه عقوبات بل إجراءات من أجل عودة قطاع غزة للشرعية، فقلنا له "غزة عادت"، فرد الأحمد "هذا غير كافٍ"، وأوضح أن حركة فتح لا تريد مواصلة اتفاق المصالحة، وهناك ضغط من الفصائل الفلسطينية والسلطات المصرية ولذلك وافقت فتح على مضض بأن يتم بحث رفع العقوبات وفقًا لجدول زمني، الخلاصة أن التأجيل قد حدث.

سبوتنيك: الشيخ يحيى السنوار طالب الشعب الفلسطيني بالتظاهر للضغط على أطراف الحوار في القاهرة وقال إن هناك خطرًا كبيرًا على المصالحة…هل كان لديكم معلومات بوجود تهديد لمسار المصالحة؟

نعم، كنا نعلم أن حركة فتح لا تريد مواصلة حوار المصالحة، وإن المخابرات المصرية تضغط وستبقي شعرة معاوية قائمة بين الأطراف، وقد تم الاتفاق على التقاء الفصائل الفلسطينية في الأول من شباط لمتابعة الملفات التي تضمنها البيان الختامي.

سبوتنيك: تم الاتفاق على تشكيل لجنة من المخابرات المصرية لمتابعة تمكين حكومة الوفاق في قطاع غزة وتحديد جهة التقصير…هل جاء ذلك بطلب من حماس أو فتح؟

عندما قال عزام الأحمد إنه لن يتم تمكين حكومة الوفاق الوطني في قطاع غزة، نحن في حماس عرضنا تشكيل لجنة فلسطينية من الطرفين؛ للمراقبة وتحديد هوية المقصر، فتدخلت المخابرات المصرية وقالت لا ستكون اللجنة من جانبنا وستكون من ثلاث ضباط سيراقبون المرحلة، بالتالي لم يستطع أن يرفض مقترح المخابرات المصرية، في الحقيقة إسرائيل تعبث في جهود المصالحة والجانب المصري لا يستطيع أن يضغط بشكل كبير على الجانبين الأمريكي والإسرائيلي ويحاول أن يظل مهيمنًا على عملية المصالحة، باعتبارها مصلحة قومية مصرية.

سبوتنيك: البعض يلمح إلى أن الجهود المصرية لإتمام المصالحة الفلسطينية جاءت وفق صفقة القرن الأمريكية…ما حقيقة ذلك؟

غير صحيح على الإطلاق، نحن لدينا معلومات قوية جدًا أنه لا يوجد شيء مبلور اسمه صفقة القرن.
سبوتنيك: هل يوجد دول أخرى داعمة وراعية لجهود المصالحة الفلسطينية بجانب مصر؟

الرعاية الحقيقية مصرية، هناك دول كثيرة تعلن عن دعمها للمصالحة ولكن لا يعدو كونه دعما كلاميا، الدعم الحقيقي يحتاج لمتابعة وتفرغ، نحن شاهدنا في نقطة صغيرة قد تتفلت الأطراف.

سبوتنيك: ما طبيعة علاقتكم في حركة حماس بالقيادي الفتحاوي محمد دحلان؟

لاشك أن بيننا وبين القيادي محمد دحلان خصومة كبيرة جدًا، بلغت حد الاقتتال، لكننا رأينا أنه لا بد من أن يحدث نوع من الوئام الاجتماعي الفلسطيني، فكان لقاؤنا مع دحلان بهدف تفكيك الحالة الاجتماعية العدائية بين أبناء الوطن الواحد.

سبوتنيك: هل قدم لكم دحلان مساعدات مالية لحل أزمة القطاع بعد عقوبات أبو مازن؟

بيننا نحن كحركة حماس ومحمد دحلان نوع من الاتفاق الشرفي، لمصالحة الأهالي لدينا ولديهم المتضررة من الاقتتال، دولة الإمارات دعمت ذلك الاتفاق بالمال، وعوضنا كل عائلة لديها فقيد في هذه الأحداث بـ50 ألف دولار.

سبوتنيك: هل كان ذلك نوع الضغط على أبو مازن للجلوس معكم ومع دحلان أيضاً وإتمام المصالحة؟

بعد تعويض أهالي الضحايا، بدأت الإمارات ضخ أموال في قطاع غزة لمساعدة الفقراء وشراء الأدوية منها الخاصة بأمراض السرطان، والذي يمنع أبو مازن دخولها للقطاع، هذه الجهود الإماراتية أصابتهم في فتح بحساسية شديدة جدًا، وقالوا في وسائل الإعلام "عن طريق مصر تدخل الأموال الإماراتية للقطاع، وإن مصر تنفس عن القطاع وتساعده على التمرد".

سبوتنيك: ما موقع محمد دحلان من المعادلة الفلسطينية خاصة المصالحة؟

محمد دحلان ساعد بالفعل في تقريب وجهات النظر بين القيادة المصرية وحركة حماس، وبالفعل بدأت عجلة العلاقات والحوار في الاندفاع بيننا وبين القاهرة، وقد تطورت فيما بعد إلى تعاون أمني على الحدود وهذا ملموس الآن، وقد دفعت حماس أرواح في هذا الاتفاق.

سبوتنيك: البعض يقول إن دحلان تم إبعاده من المصالحة بعد أن أعاد علاقتكم مع مصر وحركة فتح…ما صحة هذه المعلومات؟

دحلان لم يخرج من المعادلة…أنا عضو لجنة التكافل التى أسستها حماس مع دحلان، وما زلنا نسير ببرنامج جيد وعلاقتنا جيدة، وحققنا لهم الكثير من خلال تفكيك المشكلات بين جماعتنا وجماعتهم، نحن أفرجنا عن المعتقلين، منهم محكوم عليه بالإعدام في قضايا قتل أبناء حماس، هناك أيضًا أشخاص هربوا من مصر خلال الأحداث قد أعدناهم، جماعة دحلان تشعر بأن رام الله تحاول أن تقصيهم وتلتف على العلاقات.

سبوتنيك: ماذا عن الملف الأمني بجناحيه دمج الأجهزة الأمنية وتقنين استخدام سلاح المقامة؟

في اتفاق 2011 تحدثنا تفصيليلًا عن الملف الأمني، ومنه إعادة دمج الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع على أساس من العقيدة الأمنية الوطنية، لأن عقيدة غزة الأمنية تختلف تمامًا عن رام الله، فعقيدتنا هي مقاومة الاحتلال وقتاله، بينما رام الله حماية الاحتلال وفقا اتفاق "أوسلو".

في النهاية اتفقنا على عقيدة إذا كانت مشكلة فتح أن حماس تقاتل الاحتلال الإسرائيلي، فنحن على استعداد لتقنين هذا القتال وأن يخضع السلاح لرقابة جماعية ولا نطلق طلقة واحدة دون قرار سياسي، ولكن مقابل هذا ألا تذهب فتح منفردة للمفاوضات دون توافق سياسي وطني، بهذا يخضع قرارا السلم والحرب للتوافق الوطني وتنص على ذلك وثيقة الوفاق الوطني الموقعة عام  2006. 
سبوتنيك: المتابع لحركة حماس يلحظ مرونة لم نعتدها من قبل…هل لذلك علاقة بأن قيادات المرحلة جاءت من الداخل على عكس المألوف؟

المرونة التي تقدمها حماس هذه الأيام ، قدمتها من قبل في اتفاق 2011 والسلطة وقتها لم تلتزم، وحتى إذا لم نقدمها مسبقًا وقدمناها الأن؛ طبيعي أن يحدث مراجعات ولا يوجد قوى حقيقية لا تقيم نفسها وعلاقاتها.

سبوتنيك: علاقتكم مع الدولة السورية هل أوشكت على العودة…وهل إيران تضغط من أجل عودتها؟

علاقتنا مع إيران و"حزب الله" جيدة جدًا، ونحن لا نملك تنظيمًا حقيقيًا داخل سوريا، أغلب تنظيماتنا في لبنان.

سبوتنيك: سوريا قدمت لكم الكثير واعتبرت ما حدث منكم في مخيم "اليرموك" خيانة لها؟

من تسبب في أزمة مخيم "اليرموك" أحد مرافقي موسى أبو مرزوق القدماء، وهي حوادث فردية ولا يمكن لحركة حماس أن تتخذ قرار خوض معركة داخل سوريا، المشكلة الحقيقية أننا لم نتخذ قرارًا يؤيد النظام السوري في بداية الأزمة وتعاطفنا مع المذابح هناك، وقد تدخلنا للصلح بين الأطراف ولكن الأمن السوري رفض وقال إما معنا أو ضدنا، هذا ما دفعنا للانسحاب من سورية تمامًا ولم نشارك في القتال داخل سوريا وما زلنا نكن لها كل احترام.

سبوتنيك: رفضتم بيان الجامعة العربية الأخير والخاص بـ"حزب الله"…لماذا وقد يفقدكم ذلك دعم الخليج المالي وأنتم في أمس الحاجة له؟

هذا البيان ليس موجهًا ضد "حزب الله" بل لحركة حماس، نحن وقفنا أمام "حزب الله" في معركة القصير وهاجمناه وإيران وكل من قاتل داخل سوريا وهذه مبادئنا، لكن حين يبدأ الكلام عن تصنيف "حزب الله" كمنظمة إرهابية والتخطيط لاستهدافه من جانب إسرائيل معنى ذلك أننا في نفس الخانة، والصمت صعب علينا.
 "سبوتنيك"