مُرعبة كثيراً هي أرقام حوادث القتل السنوية في مدينة شيكاغو الاميركية التي يُذكر بها التحقيق التلفزيوني البريطاني «ريجي ييتس: الحياة والموت في شيكاغو»، فعام 2015 شهد 468 حادثة قتل، وارتفع هذا العدد بنسبة 72 في المئة عام 2016.
معظم ضحايا حوادث القتل هذه من الأميركيين السود، فيما العلاقة بين الشرطة الأميركية والمجتمع الأسود في المدينة في أسوأ أحوالها، ويبدو الجميع عاجزين عن وقف جنون هذا العنف اليومي.
يُحقق الممثل والمذيع التلفزيوني البريطاني ريجي ييتس في أحوال المدينة الاميركية التي عاش فيها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، وبهذا ينضم هذا المذيع الشاب الى مجموعة من البريطانيين الذين أصبحوا يلفون العالم ليقدموا برامج تسجيلية ترصد الحياة والصعوبات هناك. يقضي ييتس أوقاتاً طويلة في مدينة شيكاغو ويكون شاهداً خلال فترة وجوده في المدينة على حوادث قتل ذهب ضحيتها شباب عاديون.
يقابل المذيع الشاب أميركيين سوداً من طبقات اجتماعية مختلفة، في مسعاه لتحليل عنف المدينة الأميركية. تكشف المقابلات عن قسوة غير مبررة من الشرطة الأميركية أحياناً ضد السود، وسيدعم هذه الادعاءات بأفلام فيديو صورت معاملة الشرطة المشينة في حق نساء ورجال. كما أجمع كثر من الذين تحدثوا الى البرنامج على أن عنف الشوارع هو القضية الأولى التي تشغلهم، وأن بعضهم يفكر بترك المدينة حال توافر الظروف لذلك.
يتضمن البرنامج العديد من المشاهد والمواقف الصعبة كثيراً على المشاهدة، والتي ستترك أثرها على المذيع الشاب الذي طلب في مناسبات عدة وقف التصوير لكي يستعيد توازنه، مثل زيارة البرنامج للقسم الذي يتلقى ضحايا حوادث العنف في احد مستشفيات المدينة، حيث كانت الصالة مليئة بالجثث المغطاة بالشراشف، فيما ستشرح الممرضة المسؤولة السوداء أن هذا المشهد يعد عادياً، وتواجهه كل يوم تقريباً، وأن الخوف الأكبر في حياتها أن تحضر عربة الإسعاف ابنها الوحيد جثة الى المستشفى، على رغم أن عمر هذا الابن هو ستة أعوام، لكنه مثل غيره ليس بعيداً من العنف المجاني الذي ينطلق بلا مقدمات أحياناً.
رفضت الشرطة الأميركية في المدينة الحديث الى البرنامج التلفزيوني البريطاني، الذي عرض أخيراً على الشاشة الأولى لـ «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، لكن البرنامج يجد في تجمع لجمعية من راكبي الدراجات النارية والمنتسبين للشرطة، فرصة لعرض وجهة نظر مختلفة لقضية العنف في المدينة. يبرر بعض الذين قابلهم في ذلك التجمع معدل الجريمة بين الشباب السود المرتفع كثيراً، فيما ستشرح أرملة رجل شرطة قتل أثناء الواجب، أن زوجها لم يكن يطارد أي شخص حينما قتله شاب أسود، بل كان يتمشى في الشارع.
يسجل البرنامج جنازة شاب اسود قتل لأنه كان في المكان الخطأ من المدينة. وبعدها بأيام سترافق كاميرا البرنامج مسيرة لآباء عبر أحد أحياء المدينة، كانوا يدعون فيها لوقف العنف الذي يهدد كل شيء في حياتهم. في ذلك التجمع سيقابل البرنامج أباً فقد ابنته الوحيدة قبل أشهر في حادثة إطلاق نار. المفارقة التي سيبرزها البرنامج، أن الشاب الذي حضر جنازته للتو كان صديقاً للفتاة الشابة، وكلاهما من الناجحين في حياتهم على الصعيدين المهني والاجتماعي.
يوفر المذيع الشاب من موقعه بريطانياً أسود مقاربة جديدة لموضوعة العنف، فعلى رغم أنه ناجح كثيراً في عمله، الا ان علاقته مع الشرطة في بلده لم تكن دائماً بلا مشكلات، اذ يذكر انه أوقف أحياناً بسبب قيادته سيارة غالية الثمن. تُقرب تجربة التحقيق في العنف في شيكاغو البريطاني الأسود من قضية الإثنيات والعنصرية، وسيتذكر وهو يشاهد نساء مسنات وشابات أميركيات يعانين بسبب فقدان أحبة لهن نساء من عائلته، الأمر الذي سيزيد عاطفية الرحلة التي يقوم بها الى واحدة من أكثر المدن الأميركية عنفاً.