تؤكد المظاهرات التي نظمها مئات الآلاف من اليمنيين أبناء محافظات جنوبية في مدينة عدن اليوم، ان دولة الامارات العربية المتحدة حسمت الصراع بينها وبين الرئيس عبد ربه منصور هادي المدعوم من المملكة العربية السعودية لصالحها، وان حلفاءها باتوا أصحاب الكلمة العليا في محافظتي عدن العاصمة “المؤقتة”، وحضرموت ذات الزخم السكاني والتجاري والمالي على الأقل.
المتظاهرون الذين يقدر البعض عددهم بالمليون، رفضوا القرارات التي أصدرها الرئيس هادي قبل أيام وعزل بموجبها محافظ عدن عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة الشيخ هاني بن بريك ونددوا بالقرار، وكلفوا الأول، أي السيد الزبيدي، بتشكيل قيادة سياسية وطنية برئاسته “لادارة وتمثيل الجنوب”، وايدوا مثلما جاء في بيانهم، “اعطاءه كامل الصلاحيات لاتخاذ ما يلزم من الإجراءات لتنفيذ بنود هذا الإعلان”.
صحيح ان بيان المتظاهرين اكد “ان الحقائق على الأرض اثبتت عمق متانة الشراكة بين المقاومة الجنوبية والحراك الجنوبي، وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة لانجاز الأهداف المشتركة للتحالف العربي لصد الخطر الإيراني التوسعي”، ولكن الصحيح أيضا ان هذا التحرك ينسف شرعية الرئيس هادي كليا في الجنوب على الاقل، او جزءا كبيرا منه، ويغلق أبواب عدن، وربما محافظات الجنوب الأخرى في وجهه، ويقطع اشواطا طويلة على طريق فصل الجنوب عن الشمال، وإقامة دولة جنوبية مستقلة، بما يتطابق كليا مع المشروع الاماراتي.
والاهم من ذلك ان هذا التحرك المدروس بعناية، ربما جاء ردا “على اعلان تشكيل لجنة يمنية سعودية إماراتية تتولى التنسيق في إدارة التطورات اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي”، مما يعني ان هذه اللجنة قد تكون ولدت ميته، او ولدت متأخرة في افضل الأحوال.
الصراع في اليمن كان محصورا بين ثلاث قوى رئيسية، الأولى “الشرعية” التي يمثلها الرئيس هادي ومدعومة من قبل التحالف العربي بقيادة السعودية، والثانية التحالف “الحوثي المؤتمري” والثالثة الجماعات الإسلامية “الجهادية” مثل تنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، والآن أضيفت لهم قوة رابعة جديدة، ونافذة هي تحالف الحراك الشعبي والمقاومة الجنوبية، وتقف خلفه دولة الامارات.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل سيتراجع الرئيس هادي عن قراراته الأخيرة التي أطاحت بالسيد عيدروس الزبيدي محافظ عدن وزميله الوزير هادي بن بريك، المقربين والمدعومين من الامارات، كأحد ابرز حلول الازمة، وكمحاولة لابقاء محافظات الجنوب تحت مظلة “الشرعية” ولو الى حين؟
سيكون صعبا على الرئيس هادي التراجع عن قراراته، لان هذا سيظهره بمظهر الرجل الضعيف جدا، وهو معروف بعناده على اي حال، واعتداده برأيه، ولذلك يتوقع كثير من المراقبين استمرار الازمة، وتراجع مكانته في محافظات جنوبية.
مظاهرات عدن، تؤكد ان الخلاف السعودي الاماراتي ما زال في ذروته، رغم محاولات الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد نفي وجوده في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، ومعظم، ان لم يكن كل، محاولات “الترقيع″ والوساطات لتطويقه لم تعط الثمار المطلوبة.
التحالف “الحوثي الصالحي” ربما يخرج الفائز الأكبر من هذا الخلاف وتطوراته، رغم معارضة الرئيس علي عبد الله صالح لاي مشاريع بتقسيم اليمن الى أقاليم او فيدراليات، مثلما قال في حديث له جرى نشر تفاصيله يوم امس، والازمة اليمنية تزداد تعقيدا في ظل غياب للحسم العسكري او الحلول السياسية، و”إعادة الامل” تبدو عملية صعبة، ان لم تكن مستحيلة.
“راي اليوم”