في ظل الركود السياسي الذي تعيش بلادنا حاليا فضلنا تحريكه من خلال هذه المقابلة التي أجريناها مع السيد رئيس حزب(حاتم)لمانعلم عنه مسبقا من خبرة ميدانية بواقع بلادنا المعيش سياسيا ‘واجتماعيا،ولمايتميز به هوأيضا من صراحة وموضوعية لايخلان بقول مايرى أنه يجب أن يقال في إطار ذلك الواقع ،وكذا محاولته الإشارة ما أمكن إلى مكمن الداء في واقعنا وكذا العلاج من وجهة نظر وطنية.
موريتانيا(13):السيد الرئيس كيف ترون الوضع الحالى فى البلاد بعد أحداث الجامعة وثورة شباب 25 فبراير أو شباب أبلوكات هل هم بلطجية كما يراهم النظام؟
صالح ولد حننا: أولا أشكركم على الجهد الحيوي والهام الذي تقومون به خدمة للبلد ولمستقبله ، وأشكركم كذلك على هذا اللقاء.أما فيما يتعلق بالسؤال ، فأرى الوضع الوطني الحالي يتميز بما يمكن وصفه بالاحتقان والتوتر ، وهو احتقان ناجم عن تضافر عاملين اثنين على الأقل،أولهما عجزنا ـ على المستوى السياسي ـ عن اجتياز عتبة ما قبل انتخابات يوليو 2009، إذ لا يزال حبل الحوار بين الأغلبية والمعارضة مبتورا على الرغم من إعلان الطرفين استعدادهما للحوار بل رغبتهما وحرصهما عليه ،وثانيهما حجم الفسحة الفاصلة بين الأمل الذي غذته الالتزامات الكثيرة والتعهدات العاجلة والشعارات الجميلة وبين منجزات الواقع وضعف تأثير انعكاساتها بشكل إيجابي على الحياة اليومية للسكان الذين يعيشون بين مطرقة البطالة وغلاء المعيشة وسندان الفقر.وبالنسبة لأحداث الجامعة المؤسفة، فبالإمكان النظر إليها من زوايا متعددة و تقديم عدة تفسيرات تبعا لذ لك ،قد تبدوـ من الناحية الشكلية ـ مختلفة، مع أنها في الواقع متكاملة ومتوالفة،فالتفسير الأول أنها تمثل أحد أعراض الوجع الذي بدأ يسري في الجسم الوطني خاصة في مراكزه الحيوية ( الجامعة ) وأن ناقوس خطر أخذ يدق بصوت خشن يدعو إلى النظر للمشهد الوطني والتحديات التي تواجهه بجدية وشمولية وعمق.والتفسير الثاني يرى في الأمر تدخلا ممنهجا من خارج الجامعة في محاولة لخلق إرباك سياسي وانجراف شعبي وراء اصطفافات عرقية نتنة تشغل الناس وتنسيهم واقعهم وأولوياتهم ، وهي سياسة قد جربت من قبل وأعطت نتائج آنية أنانية ناجعة.والتفسير الاخير أنها تعود إلى أسباب طبيعية موضوعية ناجمة عن احتكاكات انتخابية تتغذي على بعض المشاعر الضيقة وأن خطرها محدود ومداها ضيق، ومن السهل احتواؤها ونزع فتيلها إذا ما عولجت أسبابها وملابساتها بجدية وصرامة وحكمة، غير أن عودة شبحها مرة أخرى نهاية الأسبوع الأول من عودة الدراسة في الجامعة، يضيف مزيدا من الغموض والقلق، ويؤكد أن التدافع الانتخابي لم يكن هو السبب، بل كان ذريعة لمحاولة تمرير أجندة نشم رائحتها ونرى أعمدة دخانها ولكننا لا نتبين ملامحها ولا مواقدها بوضوح .أما شباب "بلوكات " فهم صفوة المجتمع ورمز نقائه وصدق مطالبه، ودفق طموحاته، وأداة تعبيره ونضاله، ومن ثَم فإن من يستحق أن يوصف بالبلطجية هو من لا يسمح لهؤلاء الشباب بالتعبير عن مطالبهم وبحرمانهم من ممارسة ما يكفله لهم القانون من حق التجمع والتظاهر السلمي، وإن من الخطإ الفادح التقليل من شأن هؤلاء الشباب ، وتقويم أهميتهم على أساس ما يحشدونه من عدد، فأغلب الانتفاضات العربية انطلقت بالعشرات بل بالآحاد بما فيها تلك التي تمكنت بالفعل من " إسقاط النظام ".وأشير إلى أننا في حزب (حاتم ) تقدمنا بمقاربة وطنية قبل بدء الحراك اقترحنا فيها ما تصورنا أنها خطوات ينبغي اتباعها لتجنيب البلاد ما هو أسوأ ، وعندما بدأ الحراك الشبابي وأخذت الشرطة تقمعه عبرنا بوضوح عن تنديدنا بأي شكل من أشكال القمع، واعتبرنا الحراك الشبابي ظاهرة صحية وتعبير صادق عن مطالب شعبية مشروعة،الأولى أن تدرس وتعالج لا أن تحاصر وتكبت.
موريتانيا13:أين وصلت جهود الحوار الوطنى ؟
صالح ولد حننا: إن كان السؤال يتعلق بالجهود، فهي متواصلة ولا أعتقد أنها ستتوقف، لأن العقلاء في البلاد يدركون حجم أهمية الحوار في وضعنا الراهن وإلحاح ضروراته،صحيح أن تلك الجهود لم تصل بعد إلا إلى عتبات قريبة من المربع الذي انطلقت منه بدرجة تحفز المراقب الموضوعي لأن يعبر عن فشل ذريع قد أحاط بتلك الجهود، لسنا هنا بصدد تنسيب أسباب فشلها وربطها بهذا الطرف أو ذاك كلما نود تأكيده هنا أن الحوار الوطني حاجة ملحة ويستحق التنازل والتضحية في سبيل أن يبدأ وأن يتواصل وأن ينجح، موريتانيا تستحق من نخبها السياسية أن يبتلعوا بعضا من أنانياتهم وحساباتهم الضيقة وان يقرأوا جيدا المرحلة الراهنة ليس بمنهجية سكونية تحسب الزمن ثابتا لا يتحرك والأحوال راكدة لا تتبدل إن نمط إدارة الشأن الوطني في تسعينيات القرن المنصرم قد انصرمت ولم تعد صالحة لنتوكأ عليها إذ لو كانت كذالك لظل الأمر على ما كان عليه على السلطة والمعارضة والنخبة السياسية عامة أن تعيد قراءة الدينامية السياسية المحركة للتاريخ اليوم وعليها أن تستوعب طبيعة التحولات الحاصلة في أدوات إدارة الحكم وصناعة الرأي العام ومجرياته.
موريتانيا13: فى الفترة الأخيرة تبين أنكم غير راضين عن أداء أحزاب الأغلبية وأنكم تفكرون فى الخروج منها وأن دورة المجلس الوطنى قد ناقشت الموضوع ،فهل إذا خرج الحزب من الأغلبية فسيكون ذلك مدعاة لإ نضمامه للمعارضة ؟
صالح ولد حننا: نعم نحن لسنا راضين عن الأغلبية ليس فقط كأحزاب منفصلة وإنما ككتلة سياسية يفترض أنها حاكمة سياسيا، وأسباب امتعاضنا ذات أوجه عديدة، فعلى مستوى العلاقة بين أعضاء الأغلبية لم نلاحظ حضورا للفعل المشترك بين الأحزاب ، ففي أول انتخابات برلمانية بعد الانتخابات الرئاسية 2009 ، لم تتخذ أية خطوة تعبرعن الرغبة في بناء إطار تنسيقي واضح فبعض الأحزاب الأعضاء اختارت أن تتحالف مع أحزاب في المعارضة بدل أن تتحالف مع شركائها في الأغلبية بل إنها تقاصرت حتى في أن تطلب من بعض الأعضاء أن يمنحوها أصواتهم، والأمر نفسه تكرر بشكل واضح ومثير أيضا في التجديد الثاني الذي ألغي فجأة على الرغم من تأكيد أكبر أحزاب الأغلبية عن رفضه لأي تأجيل، وفي الواقع لم يشكل ائتلاف أحزاب الأغلبية إطارا جامعا مشاركا في توجيه المشهد الوطني ، ولربما لم يكن من مهامه الأساسية، وبالنسبة لحزبنا اعتبرنا أننا لم نتمكن من أن نساهم بما هو مطلوب منا كحزب سياسي ضمن أغلبية سياسية في واقع كواقع بلدنا حاليا ، وحاولنا أكثر من مرة أن نلفت انتباه شركائنا إلى أن هناك اختلالا يتعين تداركه ، ولكننا بكل أسف لم نجد سوى مزيد من الاستمرار في النهج نفسه، وأعتقد أنك عندما تجد نفسك في مكان لا تستطيع أن تساهم فيه بما هو مفترض أن تساهم به تصبح عندئذ في غير الموقع المناسب، وهو الوضع الذي ناقشه المجلس الوطني واتخذ فيه قراره بتجميد نشاطه في ائتلاف أحزاب الأغلبية وكلف المكتب التنفيذي بدراسة الخيار المناسب لتحديد موقع الحزب في الخريطة الوطنية، وسيحسم المجلس التنفيذي في غضون الأسابيع القادمة خياره وعنئذ سنعلم ما إذا كان حاتم سيبقى في فضاء الاغلبية أم أنه سيلتحق يالمعارضة، كل ما أستطيع أن أؤكد عليه أن الفيصل الاول والاخير الحاسم في قرار الحزب هو البحث عن مصلحة موريتانيا وعن سعي صادق من الحزب للمساهمة في تجنيب بلادنا لما هو أسوأ.
موريتانيا13:هل تعتقدون أن الإنتخابات البرلمانية والبلدية لازالت فى موعدها رغم الوضعية المزرية التى تعرفها الحالة المدنية ؟
صالح ولد حننا: لم نتوصل إلى قرار يفيد بتأجيلها عن موعدها المزمع نهاية السنة الجارية ، غير أن المعطيات الفنية وضرورات الوصول إلى قانون انتخابي متفق علية وإجراءات إشرافية مناسبة تؤشر إلى احتمال تأجيلها بشكل شبه مؤكد.
موريتانيا13:رئيس الجمهورية كان قد رفع شعار محاربة الفساد والمفسدين مالذى ترونه قد تحقق فى هذا الملف ؟
صالح ولد حننا: هذا الشعار هو من بين الأسباب التي دفعتنا لدعم رئيس الجمهورية ولإنخراطنا في أغلبيته، ونعتقد أن الرئيس قد خطا خطوات في هذا الشأن من حيث التعبير والتشخيض من جهة ومن حيث الاجراءات العملية أيضا ، ونحن نعلم أن محاربة الفساد والمفسدين عملية صعبة ومعقدة تتداخل فيها عوامل مختلف وتواجه صعوبات بالغة التأثير، لذلك كنا نتوقع أن تظل جهود محاربة الفساد عرضة لأن تخترقها حالات من الانتقائية والتصفيات والاستهداف من جهة وأن يظل جدارها واطئا مركزا على صغار المفسدين ، وهناك أصوات بدأت تسمع تتحدث عن عودة المفسدين إلى مواقع فاعلة في التسيير والتوجيه وهو ما يضفي على جهود محاربة الفساد حالة من الشك والغموض، ومع ذلك هناك سجناء اتهموا بالفساد ومسيرون أرغموا على استرجاع بعض ما اتهموا باختلاسه من المال العام ، وهذه مرحلة جديدة جيدة تستحق التنويه.
موريتانيا13:السيد الرئيس عرفت بعض البلدان العربية ثورات شعبية فكيف تقيمون الأحداث الجارية الآن فى ليبيا وسوريا ؟
صالح ولد حننا: نحن مع الثورات والأنتفاضات العربية في أي بلد عربي ونعارض بشدة قمعها أو اختراقها ، ونرى أنها فرصة تاريخية قد تعيد لهذه الامة حريتها ووسائل نهضتها ، وأعتقد أن الوقت لا يزال مبكرا على أن نحملها أكثر مما تتحمل، صحيح أننا محاطون بعالم لا يريد للعرب أن يكون لهم استقلالهم ووحدتهم وثروتهم، ومن ثم نتوقع أن تسارع تلك الدول والمنظومات الدولية إلى محاولة التحكم في مصير تلك الثورات وتحويلها إلى ما يشبه " الثورة العربية" بقيادة شريف مكة التي تمخضت عن تقسيم العرب واحتلالهم بدل وحدتهم واستقلالهم، لذلك ينبغي أن نكون حذرين ولكن ليس بدرجة أن يقعدنا الحذر والخوف من الغرب ومشاريعه دون استمرار ثوراتنا وانتفاضاتنا العظيمة.
موريتانيا 13 في ختام هذه المقابلة نشكر السيد الرئيس صالح ولد حننا على ماتفضل به من أجوبة كشفت الغطاء عن كثير من الإشكاليات المطروحة وطنيا ،وإن لم تستطع أحيانا الإجابة الكاملة عن بعضها المتعلق بمكافحة الفساد في برنامج السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، كما نشكر متصفحي الموقع على متابعة ماينشر فيه.
إدارةتحريرموقع موريتانيا13