أيها السيد الرئيس رغم أني لم أتخيل أو أتصور في أي لحظة بأني لست موريتاني الجنسية !
ورغم أني كذلك بسبب ظلم حكومات معاوية وسوء إداراتها التي قضت على العدالة وتكافؤ الفرص في بلادنا الشئ الذي أرغمني مكرهاً أخاك لابطلاً على الهجرة نحو المجهول كي أعيل أسرتي الخاصة وكذا والدتي التي بلغت يومئذ من الكبر عتياً .
ورغم إنسانية الدولة التي منحتني جنسيتها مشكورة بعد أن وجدت لدي الشروط الموضوعية التي تمنح بمقتضاها جنسيتها ، ومن تلك الشروط الإستقامة والأخلاق الحميدة الذين إكتسبتهما من تربية بلدي وورثتهما عن البئة الطيبة التي عشت فيها،وهذه المعطيات تعد عملة نادرة جميع الدول تبحث عنها إلا إدارة معاوية المشغولة عن ذلك بغبن وغمط حقوق أبناء جلدتها خصوصاً أولائك الذين ليس وراءهم رئيس قبيلة ولا شيخ صوفية ولا ضابط كبير.
سيدي الرئيس لا أخفيكم سراً إن قلت لكم أنه بعد مالم يبق أمامي مفراً سوى أخذ جنسية أجنبية أستعين بها على مسؤولياتي تجاه أهلي فإني كنت رغم ذلك وأنا أعدٌ إجراءات التجنيس وكأني طيلة تلك المدة أعاني من مخاض أليم بقى معي ألمه عدة أشهر حتى بعد أخذي لتلك الجنسية وكان تفكيري أنذاك منحصراً في كيف أصير غير موريتاني الجنسية !
وبعد حصولي على الجنسية أصبحت كقانوني على يقين بأني فقدت جنسيتي الموريتانية وذلك حسب القانون الملغي للجنسية والمخالف للشريعة الإسلامية وكذا للدستور الموريتاني .
أما أنا في قرارة نفسي الباطنية فلم أصدق أبداً ذلك الواقع المتمثل في أن إسلم ولد مانا لم يعد موريتانياً ،وخوفاً من تجسيد أمر الواقع ذلك فضلت حينها عدم السفر إلى موريتانيا وإن كان فلا بد من ذلك فليكن عن طريق السينغال الذي أستطيع الدخول منه إلى موريتانيا بواسطة البطاقة الشخصية.
وطيلة المدة التي إنتظرت فيها عودة جنسيتي الأصلية كنت أحدث نفسي قائلا فهل أصبحت لايمكنني زيارة قبري والدي إلا بواسطة تأشيرة دخول كتلك التي تمنح للأجانب وهل لست لا أستطيع أن أرى أرضنا الجميلة وهضابها وأوديتها وسهوبها وقد إخضرت في فصل الخريف مرصعة بالتلال الفضية البيضاء الجميلة وهلاّ أستطيع أن أستنشق عبير شذى زهور أرضنا خصوصاً زهرة (تَيْدِشْمَ) الذهبية ذات الأريج الطيب ، كل ذلك صار مجرد ذكريات باهتة مختفية في اللاّ شعورِ عندي أيعقل هذا ؟!
سيد الرئيس أعود وأقول لكم بأنكم في واقع الأمر لم تفعلوا معي غير واجبكم تجاه كل مواطن يريد إسترجاع جنسيته الأصلية ، علماً أن الجنسية الموريتانية تعتبر مِنّة وحقًّا من عند الله منحه لكل من أبوه أو أمه موريتانية وأنا من أبوين موريتانيين ولدت لهما بالقرب من مدينة كيفة الحبيبة .
والشئ الذي يعطيه الله للإنسان بغير واسطة فأنتزاعه منه عنوة يعد حيفاً وظلماً وكأن الذي ينتزعه منه كمن يسلخ جلد ساة من فوق لحمها .
ورغم هذه الحقيقة فأنا أشكرك أيها السيد الرئيس لأنك أعدت إليّ جنسيتي بدون لغط ولا خصومة .
وبهذه المناسبة أتمنى عليك أيها السيد الرئيس أن تعمل على إستصدار قانون بَل مادة دستورية تجعل جنسية المواطن الموريتاني لصيقة به تدفن معه حتى لو بقى جثمانه سجين ثلاجة الموتى حتى تٌحْضرَجنسيته وتدفن معه لعل العلماء الصالحين من هذا البلد يشفعون فيه مع نبينا محمد صَل الله عيليه وسلم يوم القيامة .
وفِي الختام فإني أيها السيد الرئيس لن أنسى لك هذه اللفتة الكريمة وسأبقي على موعد مع إنتخابك للمرة الثالثة بعد نهاية فترة خلفك الذي يجب أن تسلمه السلطة مٌكرّماً ومعزّزاً بعد أن تشرف بنفسك على إنتخابه في أستحقاق رئآسي حر ونزيه تشهد المعارضة على نزاهته قبل الموالاة وشكراً .
ذ/ إسلم ولد محمد المختار ولد مانا