أكد وزير الاقتصاد والمالية المختار ولد اجاي في مقابلة أجرتها معه جريدة "الشعب" بمناسبة الذكرى السادسة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني أن توجيهات رئيس الجمهورية في مجال مكافحة الفساد قد مكنت من إحداث نقلة نوعية في تنمية البلد.
وأضاف أن السنوات الخمس الأخيرة حققت أداء جيدا بفضل تسجيل نسبة نمو بلغ متوسطها 5% مع المحافظة على نسبة تضخم دون 4%.
وأكد أن بلادنا تحظى بثقة كافة الشركاء وذلك ما عكسه حجم التمويلات والمنح الخارجية. وفيما يلي نص المقابلة:
سؤال: أعلنت السلطات العمومية منذ سنة 2009 التزامها بتنظيف المالية العمومية وإرساء التوازنات الميكرو اقتصادية الكبرى، ما هي الوسائل المستخدمة في هذا الإطار وما هي النتائج؟
جواب:
بداية أشكركم على هذه الفرصة وأود أن أذكر أنه لطالما أكد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز التزامه المبدئي بمحاربة الفساد.
إن هذا التأكيد والالتزام الذي هو خيار لا رجعة فيه يترجم وعيه بما عانته التنمية في بلادنا خلال المراحل السابقة جراء هذه الآفة بسبب تفشي هذه الظاهرة، والتي تسببت في مضاعفة التكاليف والنفقات على ميزانية الدولة، كما قوضت ثقة المستثمرين، وأخلت بالتوزيع العادل للدخل، وقد جعل فخامة رئيس الجمهورية من مكافحة هذا الوباء محورا أساسيا في برنامجه الانتخابي، الذي زكاه الموريتانيون خلال مأموريته الأولى والثانية.
وتكريسا لهذا التوجه، أقرت الحكومة الاستيراتيجية الوطنية لمكافحة الرشوة منذ دجمبر 2009 والتي تتصدى لهذه الظاهرة وتجلياتها، باشرت تنفيذ إصلاحات عميقة، انصب بعضها على الجوانب التنظيمية والقانونية لمكافحة هذه الظاهرة، مثل إعادة تنشيط هيئات الرقابة (محكمة الحسابات، المفتشة العامة للمالية، المفشيات الداخلية) حيث يطال معظم المرافق العمومية، كما تمت العناية بمتابعة أنشطة لجنة الشفافية المالية للحياة العامة، واعتمد انتظام صدور التقرير السنوي الخاص بإيرادات الصناعات الاستخراجية، وتم تفعيل أنشطة لجنة مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب؛ إضافة إلى المصادقة على إجراءات صارمة ضد من يمارسهما، ودعم هذا التوجه بالمصادقة على قانون مكافحة الرشوة والمراسيم المطبقة له، وأيضا صادقت بلادنا على المعيار الدولي لمكافحة الرشوة المعلن عنه من طرف ايزو (ISO)، وأنشئت لجنة ثلاثية لمتابعة تنفيذ الاستيراتيجية الوطنية لمكافحة الرشوة.
في مجال المالية العامة تبذل جهود مقدرة، كان آخرها مصادقة مجلس الوزراء في نهاية أكتوبر الماضي على مشروع قانون يهدف إلى مراجعة وإضافة التحسينات المناسبة على القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية ليتلاءم مع الوضعية الاقتصادية والمالية للبلد، حيث لم تتم مراجعته منذ إقراره سنة 1978.
وسيمكن هذا القانون من الانتقال من الميزانية التقليدية المبنية على التخصيص إلى ميزانية البرامج، والتي تعتمد على تحديد الأهداف وكذا تحقيقها بأقل كلفة وبأنجع طريقة، كما سيسمح بمزيد من تطوير مراقبة البرلمان على العمل الحكومي.
- وفي يونيو 2010 تمت المصادقة على قانون للصفقات العمومية يتيح إرساء نظام مؤسسي متطور، يهدف إلى الوصول لتسيير شفاف وفعال وعادل لنظام الصفقات العمومية، يفصل وظائف الإبرام والرقابة والتنظيم، ويحدد مستويات كل منها.
- وفي دجمبر 2015 تم تعديل مدونة الاستثمار لتشجيع الاستثمارات داخل البلاد؛ من خلال تقديم الحوافز الجمركية والجبائية.
- كما تم استحداث تقييم دوري لجدول العمليات المالية للدولة وعرضه على مجلس الوزراء مع تقرير تفصيلي لمستوى تنفيذ الميزانية العامة للدولة في كل فصل.
لقد تم من جهة أخرى الأخذ بالاعتبار بتقييم الميزانيات السابقة عند تحضير الميزانية العامة، وتم إشراك القطاعات الوزارية المختلفة من اجل إعداد برمجة تستجيب لأهداف السياسات القطاعية.
- وعلى مستوى مكافحة التهرب الضريبي اتخذت إجراءات جديدة مكنت من فرض السلطة الضريبة للدولة، كما تمت عقلنة النفقات العمومية عبر مضاعفة ميزانية الاستثمار وضبط النفقات، وإعداد قوانين تسوية الميزانيات السابقة لما قبل سنة 2015، وتنقية سجل الرواتب وربطه بالرقم الوطني و تفعيل مديرية الوصاية على المؤسسات العمومية وتدقيق حسابات المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي والتجاري؛ والمؤسسات ذات رأس المال المختلط وتطوير نظام البيانات المندمجة للإدارة العامة للضرائب، العمل بنظام (سيدونيا وورد) الذي مكن من تبسيط الإجراءات وتحسين المتابعة الجمركية، البدء بتشغيل نظام معلوماتي على مستوى إدارة العقارات، و تم تنفيذ إجراءات جديدة ترمي إلى تقليص النفقات الجارية للدولة وإدخال المزيد من الإنصاف بين الموظفين بخصوص الامتيازات الممنوحة (السكن، النقل..).
وفي إطار التحكم في تسيير المصادر البشرية للدولة تم اكتمال الأشغال المتعلقة بالنظام المندمج لتسيير موظفي ووكلاء الدولة؛ والذي سيمكن من تسيير أفضل لاحتياجات الإدارة وضمان تحقيق التكامل بين مختلف مصالح الدولة عن طريق استحداث الملف الموحد لموظفي ووكلاء الدولة، وموازاة مع ذلك تم ضبط الرواتب على مستوى المؤسسات العمومية عن طريق المقارنة برقم التعريف الوطني، وقد مكن هذا الإجراء من خفض معتبر لأعباء الرواتب عبر كشف الكثير من حالات الازدواج.
- وتم أيضا وضع آليات تدقيق فوترة استهلاك الدولة من كهرباء وماء وهاتف، وفاتورة جمع النفايات وكذلك المتعلقة بأسفار الموظفين إلى الخارج.
وفي مجال محاربة الفساد المرتبط بالاستثمارات تمت المصادقة على مدونة جديدة للاستثمار تضمنت مزيدا من الحماية للمستثمر، وتم إنشاء شباك موحد يقلل من الصلة المباشرة بين المستثمرين والموظفين وإصلاح نظام الصفقات العمومية من خلال الفصل بين وظائف الإبرام و الرقابة والتنظيم تكريسا للشفافية، وضع خارطة طريق لتحسين مناخ الإعمال مكنت البلد من التقدم 16 نقطة خلال السنتين الأخيرتين.
إن الحديث عن مكافحة الفساد يقودنا للتطرق للإعلام والتحسيس لما لهما من دور مهم في هذا المجال، وعلى هذا الأساس تم تنظيم لقاءات على مستوى عال في نواكشوط، شارك فيها ممثلون عن البلدان الإفريقية والهيئات الدولية والخبراء في 2012 و2013.
كما تم تنظيم لقاء دولي حول الشفافية في إفريقيا شهر يناير 2015 الذي أطلق خلاله فخامة رئيس الجمهورية مبادرة لتوسيع مبادرة الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية لتشمل قطاع الصيد، وتم لهذا الغرض تنظيم اجتماع دولي مطلع 2016 تم خلاله الإعلان الرسمي عن ميلاد المبادرة الدولية من أجل الشفافية في مجال الصيد، إضافة لكل ما سبق تم إنشاء مرصدين مستقلين لمتابعة مكافحة الرشوة، مكونين حصرا من منظمات المجتمع المدني.
لقد مكنت هذه الجهود المذكورة من تحقيق نتائج هامة من بينها، تحسن ترتيب بلادنا على مؤشر الشفافية الدولية ما بين 2011 و2015 بـ 31 نقطة حيث انتقلت من الرتبة 143 إلى الرتبة 112، كما تقدمت بلادنا على مؤشر تحسن مناخ الاعمال حيث تم تصنيف بلادنا ضمن الدول الأكثر تنفيذا للإصلاحات في هذا المجال، وتم الإعلان عن مطابقة بلادنا لمعايير الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية في شهر فبراير 2012، تسجيل تطور معتبر الحاصل في شفافية الولوج للوظائف عبر الامتحانات الوطنية وتحسين العدالة في توزيع الامتيازات الممنوحة للموظفين، التحسن المطرد في الموارد المالية الذاتية للدولة والتسيير المعقلن والصارم للموارد العمومية مما مكن من تمويل مشاريع وبرامج مهمة ساهمت بصفة جوهرية في تحسين الطروف المعيشية للمواطنين خاصة الطبقات الهشة في المناطق الريفية وشبه الحضرية وقد انعكس هذا التحسن من خلال تراجع الفقر بشتى أنواعه.
ولتجسيد جهود الدولة في مجال محاربة الفساد فإننا نذكر بالنتائج التالية:
- الناتج الوطني الخام انتقل سنة 2008 من 700 مليار أوقية ليصل حاليا 1600 مليار
- ارتفعت ميزانية الدولة من 240 مليار سنة 2008 الى 460 مليار سنة 2016،
- تضاعفت ميزانية الاستثمار الممولة على الموارد الذاتية للدولة مابين (2009 و2016) من 32 مليار إلى 124 مليار على التوالي.
وقد وفرت محاربة الوظائف الوهمية أو المتعددة للميزانية السنوية 2.7 مليار أوقية ومكنت من توفير 1500 فرصة عمل جديدة، كما تم توجيه بعض المخصصات غير الأساسية من ميزانيات المؤسسات العمومية المتعلقة بالأعباء والترويج إلى مشاريع تسمح بتوفير فرص عمل للشباب.
سؤال: تمخضت عن محاربة نهب الممتلكات العمومية وسوء التسيير والفساد موارد جديدة انعكست على جهود التنمية؟
جواب:
لقد مكن تجسيد توجيهات فخامة رئيس الجمهورية في مجال مكافحة الفساد من إحداث نقلة نوعية في تنمية البلد حيث تم تخفيض نسبة الفقر بـ11 نقطة ما بين 2008 و2014 حيث انتقل من نسبة 42% إلي %31، وحسب شهادة الهيئات الدولية يعتبر هذا الانجاز نموذجيا، كما انتقلت نسبة الفقر المدقع خلال نفس الفترة من 25.9% إلى 16.6% أي أنه تراجع بحوالي 10 نقاط.
لقد حافظت التوازنات الاقتصادية الكبرى على استقرارها مع تحسن وضعية بعضها مثل التضخم، ورصيد الحساب الخارجي الجاري، وعجز الميزانية العامة حيث حقق الاقتصاد الوطني أداء جيدا في السنوات الخمس الماضية بفضل تسجيل نسبة نمو بلغ متوسطها 5% مع المحافظة على نسبة تضخم دون 4%.
وقد مكنت هذه الوضعية من تحقيق نقلة نوعية في مجال البنى التحتية لقطاعات أساسية كالنقل (المطارات، الموانئ، والطرق وقد تم إنشاء شبكة طرقية في مختلف عواصم الولايات ساهمت في فك العزلة عن عشرات البلديات والمراكز الإدارية) وتضاعف إنتاج واستخدام الطاقة النظيفة والزراعة و تم استصلاح المزيد من الأراضي، ومد قنوات الري، تحقيق نسبة 80% من الاكتفاء الذاتي في مادة الأرز) والصحة (إنشاء أكثر من 10 مستشفيات كبرى، وعشرات المستوصفات والمراكز والنقاط الصحية) والتعليم وإنشاء العديد من الجامعات والمدارس العليا، والمعاهد، وشبكات المياه آفطوط الساحلي، الشرقي كما تم انجاز مشاريع عملاقة مثل الحالة المدنية وبرنامج أمل...
من جهة أخرى فإن السياسة المالية المتبعة والقائمة على خفض وترشيد الإنفاق الحكومي بهدف السيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة، ساعدت على تحقيق الأهداف المرسومة وبأقل كلفة ممكنة، كما ساهمت في تحقيق أفضل استخدام ممكن للمبالغ المرصودة.
كل هذا مكن الحكومة خلال السنوات الأخيرة واعتمادا على مواردها الذاتية، من تمويل العديد من المشاريع التنموية والبرامج الاجتماعية الرامية إلى تحسين الظروف المعيشية للسكان، عبر تخفيض أسعار المواد الأساسية وتوزيع كميات كبيرة منها مجانا على المحتاجين، إضافة إلى تحسين النفاذ إلى البني التحتية وخدمات الأمن والتعليم والصحة والماء الشروب والطاقة والنقل، فضلا عن إنجاز برنامج واسع لإعادة هيكلة ما يعرف بأحياء الانتظار في نواكشوط وبعض المدن الداخلية والتي استفادت من تشييد مراكز صحية وتعليمية وطرق، وستستمر الدولة في سنة 2017 في تنفيذ هذه البرامج.
- من جهة أخرى فإن تطبيق سياسة مالية صارمة وشفافة، تقوم على ترشيد الأموال العامة، انعكس إيجابيا على المؤشرات التالية:
- تضاعف الناتج المحلي الإجمالي (خارج النفط) من 797.599 مليون أوقية في عام 2009 إلى 1.523.919 مليون أوقية في 2015؛
تطور الميزانية المخصصة للاستثمار من 80.803.347.550 أوقية سنة 2009 إلى 176.931.614.000 أوقية سنة 2016 أي في حدود الضعف.
إلا أن المكسب الأهم؛ هو صمود بلادنا في وجه الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة الناجمة عن بسبب هبوط أسعار المواد الأولية التي عصفت بإقتصادات العديد من البلدان ـ تراجعت قيمة صادرات بلادنا من مادة الحديد بـ 50%ـ بل إنه خلال نفس الفترة تمت زيادة الرواتب، وتواصلت الاستثمارات العمومية في مجال البنى الأساسية والاجتماعية بنفس الوتيرة، أضف إلى ذلك النجاحات الكبرى في مجال مجابهة التحديات الأمنية.
سؤال: ما هي القطاعات ذات الاولوية في الاستثمارات العمومية وما مستوى خيارات الدولة لتوجيه هذه المبالغ المرصودة؟
جواب:
ظلت الجهود الحكومية منصبة على تحقيق تنمية شاملة تمكن من خلق فرص عمل وتخفيف الفقر وتجسيدا لهذه الخيارات تم تصنيف القطاعات ذات الأولوية في الاستثمارات العمومية على النحو التالي:
- قطاعات الخدمات الأساسية/ التعليم- الصحة؛
- البنى التحتية (الطرق- المطارات- الموانئ)؛
- الطاقة؛
- الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد؛
- التشغيل.
وقد وصلت الميزانية المدعمة للاستثمار لسنة 2016 إلى مبلغ 261.255 مليار أوقية، بزيادة قدرها 2.45%.
وقد استحوذ قطاع الاستصلاح الترابي على الجزء الأكبر من مخصصات موارد الاستثمار حيث رصد مبلغ قدره 95.938 مليار أوقية، وهو ما يمثل قرابة 36.72% من تلك الاعتمادات، بينما حصل قطاع التنمية الصناعية من دون شركة اسنيم بلغت 39.379 مليار أوقية، وهو ما يعادل نسبة 15% من مجمل الاستثمارات، أما قطاع التنمية الريفية فقد وصلت مخصصاته إلى 41.863 مليار أوقية، وهو ما يمثل نسبة 16.02% من إجمالي الاستثمارات، في حين رصد لقطاع المصادر البشرية، 26.344 مليار أوقية وهو ما يعادل نسبة 10.08% من ميزانية الاستثمار المدعمة بينما حصل قطاع التنمية المؤسسية على غلاف مالي قدره 14.686 مليار أوقية أي ما يمثل نسبة 5.62% (بدون اسنيم).
سؤال: مستوى الاستثمارات الخارجية يعكس مدى ثقة الدولة، كيف تطورت هذه الاستثمارات خلال السنوات الأخيرة وما هي القطاعات الأساسية التي وجهت إليها؟
جواب:
انطلاقا من فهم حكومتنا للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الاستثمارات في خلق تنمية مستدامة وشاملة من خلال توفيرها لرأس المال، ونقلها للتكنولوجيا، والخبرات والمهارات، فقد أولت اهتماما كبيرا لجذب هذه الاستثمارات من خلال العمل على توفير البيئة الجاذبة باعتماد العديد من الإصلاحات الهامة.
ظلت بلادنا خلال السنوات الأخيرة تحظى بثقة كافة شركائنا في التنمية وتجلى ذلك من خلال تطور حجم التمويلات والمنح الخارجية التي استطاعت بلادنا تعبئتها، وقد بلغ إجمالي التمويلات الموافق عليها لبلادنا من قبل شركائنا في التنمية 137 مليار أوقية، وهو ما يمثل نسبة 52.4% من مجمل الميزانية المدعمة للاستثمار في ميزانية 2016.
إن كل ذلك يكشف عن مدى نجاعة الإصلاحات الاقتصادية الكبيرة التي قمنا بها نالت ثقة شركائنا في التنمية، وقد تصدر قطاع الاستصلاح الترابي مخصصات التمويل الخارجي بمبلغ يصل إلى 91.966 مليار أوقية، أي ما يمثل نسبة 20% من هذه التمويلات.
ومن المتوقع أن ترتفع التمويلات الخارجية لتصل حوالي 142.609.34.000 أوقية خلال سنة 2017، وسيتم توجيه هذه المبالغ بشكل أساسي إلي القطاعات الإنتاجية من اجل خلق نمو اقتصادي متوازن وستوزع على النحو التالي:
- قطاع الطاقة بنسبة 43.9%؛
- قطاع الزراعة 11.12%؛
- قطاع المياه 20.49%؛
- قطاع البنى التحتية 37.23%؛
- قطاع الخدمات الأساسية 9%؛
- قطاع التشغيل 5.32%.
سؤال: البعض يثير زيادة في الديون الخارجية، ما مستوى تطور هذه الديون مقارنة مع الناتج الداخلي الخام؟
جواب:
تعتبر المديونية سلاحا ذو حدين، فمن جهة يمكن أن تشكل معوقا أساسيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية إذا ما تم تبديدها، ومن جهة أخرى قد تكون علامة للثقة، ورافعة للتنمية عندما يتم استغلالها على الوجه الصحيح، من خلال ترشيد تسييرها وتوجيها للقطاعات التي يمكنها النهوض باقتصاد بالبلد، وهو ما تم من خلال البرامج الاستثمارية الطموحة التي تم تنفيذها في البلد والتي استعرضنا بعضها سابقا.
إن حديث البعض عن وضعية مديونية بلادنا يتجاهل حقيقة أن بعضها تراكم خلال العقود الماضية، بشكل ما يزال يستعصى على الحل، حيث تجاوزت الفوائد في بعض الحالات الديون الأصلية، وتم تبديد جزء كبير بفعل تبني سياسات غير ناجعة، وانطلاقا من هذه الوقائع فقد عمدت الحكومة بتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية على تلافي هذه الاختلالات من خلال عقلنة هذه القروض التي تتشكل بصفة رئيسية من قروض ميسرة، كما تتميز تركيبة الدائنين بالاستقرار مما يؤكد الثقة التي نحظى بها من طرف شركائنا. وقد وصلت هذه المديونية نهاية سنة 2015 إلى 3831.8 مليون دولار وهو ما يمثل نسبة 78.6% من الناتج المحلي الخام (باستثناء ديون دولة الكويت الشقيقة)، وإذا أخذنا بعين الاعتبار القيم المحدثة فستصل هذه النسبة إلى 58%.
إن المتتبع لتطور المديونية يجد أنه ظل في حدود مقبولة حيث أن معدل تزايدها خلال السنوات الأربع الأخيرة جاءت على النحو التالي: 18%، 10%، 0.4%، 10%، سنوات 2012 و2013 و2014 و2015 على التوالي.
لقد نسي هؤلاء انه في سنة 2000كانت المديونية تمثل 217.8% من الناتج المحلي الإجمالي فقد انخفضت في 2007 إلي 96.1%.
إلا أن السؤال المهم ليس حجم الديون، بل هي قابلية السداد أو هو قدرة البلد على تسديد خدمة هذا الدين وبالمناسبة فهي لا تتعدى نسبة 10% من الناتج الداخلي وهو ما يفسر الثقة الكبيرة والمتجددة التي يمنحنا شركاؤنا في التنمية.
سؤال: تعكس تغطية الحاجيات من العملة الصعبة الضمان الحقيقي لتزويد السوق ولسير الاقتصاد الوطني، ما هو مستوى الاحتياطيات الحالية من العملة الصعبة على مستوى البنك المركزي؟
جواب:
لقد شكل تطور الاحتياطات النقدية من العملة الصعبة خلال السنوات الأخيرة إحدى النتائج الهامة للسياسات الاقتصادية الرشيدة للحكومة، وللتذكير فقد سبق لهذا الاحتياطي أن نزل في ما قبل 2008 إلى الشهر الواحد وبضع أيام، واليوم يبلغ الاحتياطي 810 ملايين دولار وهو ما يقابل 6.5 أشهر من الواردات، ومن المتوقع أن تصل إلى 7 أشهر قبل نهاية العام الجاري.
سؤال: شهدت أسعار بعض المواد الاستهلاكية في الآونة الأخيرة، ارتفاعا على مستوى السوق الوطنية، ما هي أسباب هذا الارتفاع وما هي الإجراءات المتخذة لمواجهته؟
جواب:
رغم أننا لا نوافق مبدئيا على الصورة القاتمة التي يروج لها البعض عن الأسعار في البلد، لا بد من الاعتراف بواقع معين وهو أننا لا زلنا نعتمد في جل استهلاكنا على الخارج، مما يجعل تحكمنا في الأسعار دون المستوى الذي نطمح له، فالارتفاع الذي نلاحظه في أسعار بعض المواد يعود أساساً إلى ارتفاعها علي المستوى العالمي والنقص في الإنتاج الزراعي لبعض المواد بسبب التقلبات المناخية والاستخدام المتزايد لقصب السكر في صناعة وقود السيارات وهو بالمناسبة من المواد التي تشهد ارتفاعا كبيرا أضف إلى ذلك السياسة الحكومة الهادفة لتوفير الحماية للمواد المنتجة محليا كالأرز وأخيرا ارتفاع تكاليف بعض مكونات تركيبته كالنقل والتأمين ورسوم الموانئ و غيرها.
إن الحكومة لم تقف مكتوفة اليدين في مواجهة هذه المشكلة ـ والتي هي بالأساس خارجة عن إرادتنا ـ فقد تم اتخاذ حزمة من الإجراءات خلال السنوات الأخيرة بهدف من التحكم في ارتفاع الأسعار، كزيادة رواتب الموظفين التي تتراوح ما بين 50 إلى 30% تم تنفيذها، كما أن برنامج، وكذلك علميات توفير الأسماك وبأسعار رمزية في مختلف مناطق الجمهورية وعمليات التوزيع المجاني لبعض المواد التي تقوم بها مفوضية الأمن الغذائي وغيرها،هذا إضافة إلي تدخل شركة الإيراد و التصدير "سونمكس" كلما دعت الضرورة إلي ذلك من أجل استعادة توازن السوق، لكن النقلة النوعية التي نتوقع أن تتحقق على المدى المنظور ستتم بفضل إطلاق الحكومة بتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية خلال الشهر الماضي لمبادرة "لننتج داخل موريتانيا" فقد أظهر تحليل بنية الواردات الوطنية لسنة 2015 حجم ما يخسره البلد، فمن أصل 1200 مليار أوقية تمثل إجمالي الواردات توجد 200 مليار من السلع بالإمكان إنتاجها محليا وبسهولة.
و لمعالجة هذه الوضعية اتخذت الحكومة جملة من التدابير ستسمح بالاستغلال الأمثل للمقدرات التنموية للبلاد، حيث سيتم تشجع تنويع الاقتصاد من خلال دعم ظهور مقاولات وطنية قادرة على المساهمة بشكل فعال في تثمين المقدرات الاقتصادية للبلد، وسيتم في هذا الإطار إنشاء أقطاب تقانية نموذجية، أحدها خاص بإنتاج الخضروات الأكثر استهلاكا والمستوردة حاليا، والثاني للتنمية الحيوانية سيساهم في خلق تنمية مكثفة وتحسين مردودية هذا القطاع، وثالث للمعلوماتية وتقنيات الإعلام والاتصال سيعمل على تغطية حاجات البلد في هذا المجال، ورابع صناعي سيكون نواة لمدينة صناعية؛ تتضمن وحدات صناعية متخصصة في توفير منتجات لا تتطلب صناعتها تكنولوجيا معقدة، ويشكل استيرادها عبء يثقل كاهل ميزان المدفوعات، وأخيرا قطب تقاني لتطوير مواد البناء المحلية من المتوقع أن يساعد في تثمين وترقية مواد البناء المحلية كالحجارة والتربة الطينية المحسنة.
إن خلق هذه الأقطاب بالإضافة إلى الاستصلاحات الزراعية الكبيرة بصورة عامة وتحسين مناخ الأعمال والإجراءات المطبقة في مجال الصيد، كلها تدابير ستساهم مستقبلا في إمكانية ضبط الأسعار دون أن نخل بمبدأ ليبرالية السوق.
سؤال: ما هي الخطوط العريضة لميزانية 2017، وما هي النسبة التي ستحظى بها القطاعات الاجتماعية في هذا الإطار؟
جواب:
إن إعداد مشروع ميزانية 2017 يأتي في وقت وصل فيه إعداد استيراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2017ـ2030 إلى مراحله النهائية، وتتضمن الرؤية الاستيراتيجية لتنمية البلد خلال 15 سنة القادمة، والتي تقوم على ثلاث محاور هي:
1ـ تحقيق نمو سريع وشامل ودائم للبلد، يخلق فرص عمل ويسمح بتوزيع عادل للثروة.
2ـ تكوين كادر بشري قادر على خلق هذا النمو السريع، ويمكن السكان من الوصول للخدمات الأساسية خصوصا الفئات الهشة.
3ـ وضع آليات ونظام حوكمة شفافة تأخذ بضروريات الحكم الرشيد التي هي الضمان الأساسي لتحسين التسيير في البلد.
يأتي مشروع قانون المالية 2017 في ظل ظرفية اقتصادية تتميز بتباطؤ النمو سنة 2016 على المستوى العالمي، الذي لم يصل إلى المعدل المتوقع 3.4%، ومرد ذلك هو تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي والاقتصاد الأوروبي بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأخيرا حالة التحول التي يعيشها الاقتصاد الصيني.
أما في منطقتنا الإفريقية فإن أكبر اقتصاديين (جنوب إفريقيا ونيجيريا) دخلا في مرحلة ركود سنة 2016.
وبالنسبة للاقتصاد الوطني فإن المؤشرات تؤكد أنه قد بدأ يتعافى من صدمة هبوط أسعار المواد الأولية؛ التي عرفتها الأسواق العالمية سنة 2014، فمعدل النمو سنة 2015 كان في حدود 2%، وفي سنة 2016 توقعات النمو في مابين 3 إلى 5%، أما سنة 2017 فنتوقع معدل نمو 5%.
كما أن معدل التضخم مسيطر عليه في حدود 1 إلى 1.3%، بينما عجز الميزانية سنة 2016 سيكون معدوما بل ينتظر حدوث فائض في حدود 0.4% حسب التوقعات.
ويمكن تحديد الأهداف الكبرى لميزانية 2017 فيما يلي:
1ـ تحقيق نمو اقتصادي 5%
2ـ بقاء معدل التضخم دون 2%
3ـ انخفاض عجز الميزانية إلى 0.4%
4ـ وصول الاحتياطات من العمل الصعبة إلى ما يغطى 6 أشهر من الواردات سنة 2017.
لقد تم رسم هذه الأهداف على أساس فرضيات تقوم على أساس تنويع مصادر نمو الاقتصاد؛ لي لا تبقى رهينة لعائدات المواد الأولية و تقلبات المناخ.
- نتوقع أن تزيد شركة "اسنيم" من صادرتها السنة القادمة لتصل إلى 15 مليون طن لأول مرة، اعتمادا على التطور الكبير في الإنتاج الذي حققته سنة 2016، والذي وصل لـ13 مليون طن.
- من المتوقع ارتفاع الإنتاج في مجال الزراعة المروية بعد التطور الكبير الذي شهده هذا القطاع، بعد حفر قناة كرمسين ستناهز المساحات المروية 29 ألف هكتار، بعد أن كانت مابين 6 إلى 9 آلاف هكتار.
- مكنت استيراتيجة الصيد من مضاعفة مداخيل الميزانية من هذا القطاع، ونعتقد أن هذه الدينامكية ستتواصل خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن السنة الأولى لهذه الاستيراتيجية قد اعترتها بعض الصعوبات يجري العمل على تجاوزها.
- سيتم خلال هذه السنة 2017 إطلاق أربع مشاريع كبرى، ستكون لها انعكاسات ايجابية على النمو في البلد، حيث يتوقع خلال نهاية السنة، إطلاق أشغال ميناء "انجاكو" الذي سيخلق حركية اقتصادية؛ وفرص عمل سيكون لها انعكاس ايجابي، كذلك تم استئناف العمل في ميناء "تانيت"، إضافة إلى مشروع المسجد الكبير الذي يسع 15 ألف مصلي، كل ذلك سيحرك قطاع البناء والأشغال العامة على مدى السنتين القادمتين، كما أن هنالك مجموعة من الإصلاحات ستنعش القطاع الخاص مثل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وكذلك خارطة الطريق في ميدان تحسين مناخ الأعمال التي ستمكن من جذب استثمارات الجديدة وستدفع بحركية القطاع الخاص.
وستتوازن مداخيل ومصاريف ميزانية 2017 عند المبلغ 461.4 مليار، وهو ما يزيد على ميزانية 2016 بـ 10 مليارات (2.28%).
وبإضافة نفقات الاستثمار الممولة على موارد أجنبية ستصل الميزانية إلى 603 مليارات مما يعني زيادة 15.2 مليار عن ميزانية 2016.
ومن المتوقع أن تكون الموارد الداخلية في حدود 473 مليار، بينما تصل الموارد الخارجية المتأتية من مساهمات شركاء التنمية 142 مليار.
أما الموارد الداخلية فتشمل، إيرادات ضريبة تصل 320 مليار، الإيرادات غير الضريبية 92 مليار، منح الميزانية والدعم الميزانوي 17 مليار.
بخصوص النفقات في الميزانية ستواصل الحكومة سياسة الترشيد وتوجيهها للإدارات والمصالح التي هي اقرب للمواطن، كما ستواصل تنقيح كتلة الأجور، والتأكد من أن من يتقاضى رواتب على حساب ميزانية الدولة هم عمالها فقط، وأن يتقاضى الموظف راتب واحد، وأن يزاول العمل بشكل فعلي.
وستبلغ ميزانية الاستثمار 116 مليار وسيتم لأول مرة تحديد المشاريع الموجه إليها مع المبالغ المرصود، فمثلا أكثر من 100 مليار موجهة لحوالي 30 مشروع منها 5.4 مليار لتشيد طريق أطار- ازويرات، طريق كيهدي- مقامة 3.3 مليار، إكمال طريق أطار- تجكجة 3 مليارات، كيفة- بومديد 3 مليارات، المذرذرة- اركيز 2 مليار، 1.6 مليار مقطع بنشاب الطريق الوطني 1، نفس الشيء في مجال الإسكان، التعليم...
وستتميز هذه الميزانية بتسجيل فائض بقيمة (14.7 مليار) وهو ما يوازي العون الأجنبي، مما يعني أن الحكومة بتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية أصبحت قادرة على تمويل النفقات دون الحاجة إلى العون وإذا حصل هذا العون فإنه سيسجل كفائض يعزز ويفتح آفاق جديدة لمشاريع تنموية.
وخلاصة القول فان ميزانية 2017 ستعمل على المحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي، وملائمة السياسات الاقتصادية مع استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك للفترة 2016-2030.
وتهدف هذه الميزانية التي هي موضوع سؤالكم إلى الرفع من معدلات النمو، واحتواء التضخم، والحفاظ على مستوى احتياطات من العملات الصعبة، ودعم مناخ الاستثمار، والحد من عجز الموازنة العامة وملائمة السياسة الجبائية مع الأهداف العامة للسياسة الاقتصادية.
كما سيتواصل مستقبلا العمل على تحسين النفاذ للخدمات الأساسية وتقريب المصالح والخدمات من المواطن، من خلال دعم وتوسيع التغطية الصحية والتعليمية، وتطوير التنمية الزراعية وإقامة المزيد من المشاريع القادرة على خلق فرص العمل.
سؤال: ما هي الآفاق الاقتصادية والمالية لتي ترتسم في البلد خلال السنوات المقبلة؟
جواب:
بفضل السياسات الاقتصادية المنتهجة من طرف الحكومة الموريتانية في السنوات الأخيرة، تمكنت بلادنا من تحسين مختلف مؤشرات الاقتصاد الكلي، رغم محيط اقتصادي دولي بالغ الصعوبة، يمتاز بهبوط أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية.
كما ذكرت لكم فان نسبة نمو الناتج المحلي الخام وصلت ستصل هذه النمو النسبة 5% سنة 2017 ومن المنتظر أن يحقق الاقتصاد الوطني في أفق 2022 متوسط معدل نمو سنوي متوسط يفوق 7%.
إننا متأكدون أن الديناميكية التي يشهدها قطاعا الزراعة والتنمية الحيوانية ستدعم هذا النمو بشكل معتبر، كما أن القطاعات الأخرى وخاصة الصناعات الاستخراجية ستعزز هذا النمو، من خلال زيادة الطاقة الإنتاجية وسياسة خفض التكاليف.
وعلى المستوى المالي تبنت الحكومة استراتيجية لتدعيم وضعية المالية العمومية من أجل خلق فضاء ميزانية أرحب بغية تمويل النفقات الاجتماعية ونفقات البنى التحتية من خلال توسيع القاعدة الضريبية وتعزيز الإدارة الجبائية والجمركية والتحكم في رواتب الوظيفة العمومية وعقلنة النفقات وتحسين جودة الاستثمارات وتنفيذ الميزانية واستخدام أكثر شفافية وأكثر فعالية للموارد العمومية، لضبط عجز الميزانية في حدود أقل من 1% بالنسبة لسنة 2016 وأقل من 2% بالنسبة لسنة 2017 حسب التوقعات.
وفيما يتعلق بالموقع الخارجي الذي ظل يتعزز سنة بعد سنة حيث ارتفع مستوى تغطية الاحتياجات إلى 7.7 أشهر من الواردات غير المرتبطة بالصناعات الاستخراجية بدعم من التمويل الخارجي، كما أن الحساب الجاري عرف بعض التحسن هو الآخر حيث انخفض ليصل إلى 12%.
يومية الشعب العدد 11094
الصادر يوم الاثنين 28 نوفمبر 2016
عدد خاص بمناسبة عيد الاستقلال