ما زال دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الامريكية يحتل العناوين الرئيسية في الصحف ومحطات التلفزة في الولايات المتحدة وبعض دول العالم، رغم ان ثلاثة اشهر تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الامريكية، وشقيقتها الانتخابات النصفية للكونغرس.
الرئيس الامريكي باراك باوباما وضع ثقله خلف وزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون، والمح الى ان خصمها الجمهوري غير اهل بالثقة، عندما حذره من تسريب تقارير سرية حول الامن القومي الامريكي، بدأت تصل اليه بعد فوزه بترشيح الحزب الجمهوري وفقا للقوانين المرعية.
الحزب الجمهوري يعيش ورطة حقيقية لا تنحصر في الانقسامات التي تسود بين صفوفه حول مدى اهلية المرشح ترامب لخوض انتخابات الرئاسة نيابة عنه، وانما ايضا احتمال خسارته للاغلبية في مجلس الشيوخ الامريكي في الانتخابات النصفية، اي انه يقف على ابواب كارثة مزدوجة تتمثل في خسارة منصب الرئيس، والمجلس التشريعي الاهم في البلاد معا.
الضربة الاقوى التي تلقاها ترامب في الاسبوع المنصرم جاءت من قبل الجمهوري مايكل موريل، المدير السابق بالانابة لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية “سي اي ايه” الذي كتب مقالة هجومية لاذعة ضده في صحيفة “نيويورك تايمز″، اعلن فيها انه سيصوت لصالح السيدة كلينتون، لان ترامب يمكن ان يشكل خطرا على الامن القومي الامريكي، وبات عميلا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لانه اشاد به، وصفات الزعامة التي يحظى بها.
الحملة ضد ترامب في الحزب الجمهوري بلغت ذروتها عندما بدأت تظهر تسريبات تفيد بأن “مؤسسة الحزب” تفكر في اللجوء الى “خطة طوارىء” عنوانها الرئيسي سحب ترشيح اللجنة الوطنية منه، واستبداله بواحد من ثلاثة اشخاص، الاول هو بول رايان رئيس الكونغرس، والثاني تيد كروز الذي احتل المركز الثاني في انتخابات الحزب الترشح، والثالث مايك بنس الذي اختير لكي يكون نائبا للرئيس في حال فوز ترامب.
استطلاعات الرأي تؤكد تقدم كلينتون بسبع نقاط على منافسها الجمهوري، وهناك من يقول انها ربما تفوز بأكثر من 90 بالمئة من الاصوات، بسبب رغبة الكثير من الجمهوريين التصوبت لصالحها كرها بمرشح حزبهم ترامب.
النظام الاساسي للانتخابات ينص على امكانية سحب الترشيح من اي مرشح للرئاسة في حال وفاته، او عجزه، او رغبته الشخصية، اي التطوع بالانسحاب، ولكن ترامب يرفض الانسحاب، ويعتقد انه قادر على قلب الطاولة على خصومه، والفوز بالرئاسة.
نحن كعرب ومسلمين، بات خيارنا امام مرشحين يقفان في الخندق المضاد ضدنا، ويتنافسان على كراهيتنا، والتهديد بالمزيد من التدخل عسكريا في بلداننا، فكلينتون كانت وراء تدخل حلف “الناتو” في ليبيا، وايدت الحرب في العراق في الكونغرس، ومن دعاة التدخل العسكري في سورية، وتؤيد اسرائيل وسياساتها بقوة العنصرية التوسعية في المنطقة، اما ترامب فلم يخف حقده على المسلمين، وطالب بمنع دخولهم، وسقط سقطة كبرى، عندما تطاول على اب مسلم لجندي امريكي قتل في حرب العراق.
اذا كان ترامب يشكل خطرا على الامن القومي، ويوسع دائرة الانقسامات في امريكا، ويهز صورتها في العالم، ويقودها الى حروب غير مضمونة الفوز، فإنه يبدو في نظر البعض في العالمين العربي والاسلامي اللذين اكتويا بنيران الحروب والتدخلات الامريكية، ربما يكون الخيار الافضل، بينما يرى البعض الآخر ان كلينتون على سوئها ربما تكون الاقل خطرا.
خيارنا في انتخابات الرئاسة الامريكية سيكون فيما يبدو بين الاسوأ والاسوأ، وهنا تكمن الطامة الكبرى.
“راي اليوم”