بعد 14 شهرا على بدء التحالف العربي عملياته في اليمن، تواجه السعودية مهمة معقدة لإعادة الاستقرار إلى هذا البلد، رغم إبرامها اتفاقا لوقف المواجهات مع الحوثيين.
كان مبرر الحرب التي قادتها المملكة في اليمن هو إعادة الرئيس الشرعي إلى السلطة، ومنع الحوثيين حلفاء إيران من إقامة نظام حكم معادٍ للرياض في جنوب الجزيرة العربية. ومع انتهاء عام على تلك الحرب، عقدت السعودية والحوثيون اتفاقا لوقف المواجهات على طول الحدود بين البلدين، ثم اتُفق على أن تكون المملكة راعية لاتفاق سلام بين الحكومة المعترف بها دوليا وبين الحوثيين، الذين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء، ومعظم مناطق شمال اليمن.
ومع انقضاء أكثر من خمسين يوما على بدء محادثات السلام اليمنية في الكويت، لم يتحقق أي تقدم، رغم أن الحوثيين وأتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح أبدوا استعدادهم للانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة، لكنهم اشترطوا تشكيل حكومة جديدة تضم الأحزاب كافة، لأنه لا يمكن تسليم الأسلحة إلى خصومهم.
وعلى الجانب الآخر، أظهر وفد الحكومة المدعوم من الرياض موقفا متصلبا تجاه هذا المطلب، ورفض الحديث عن الشراكة السياسية قبل الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة؛ بل وزاد على ذلك، واشترط منع الرئيس السابق ونجله وعبد الملك الحوثي وأخيه والقائد العسكري الجماعة أبي علي الحاكم من ممارسة أي نشاط سياسي.
ولأن الدور السعودي بات بارزا في مجريات القضية اليمنية فإن الجهود الدبلوماسية تتجه نحو الرياض لإلزام من تدعمه ماليا وعسكريا بتقديم تنازلات حقيقية، تساعد على الوصول إلى اتفاق سلام، خاصة أن الحوثيين طلبوا من الرياض بوضوح أن تشملهم برعايتها، وأن يكونوا جزءا من المنظومة السياسية اليمنية المقبولة لدى الجارة الكبرى.
عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء اليمني رئيس وفد الحكومة في محادثات السلام الجارية في الكويت، قال إن "عاصفة الحزم" جاءت أولا بطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي، والآن جاء وقف إطلاق النار بطلب منه. والسعودية في جميع الاتجاهات تدعم الحكومة الشرعية والقيادة السياسية، بما في ذلك دعم الحل السلمي الذي تبحث عنه الحكومة الشرعية، ووقف إطلاق النار، والعودة إلى العملية السياسية.
وأشار المخلافي إلى أنه ومن ضمن الأعمال التي قامت بها السعودية حاليا، كان الدعم الكبير للجنة التهدئة، التي أنشئت ولم يكن هناك من يمولها. وهذا، كان يضع صعوبات أمام دور هذه اللجان التي تعمل في كل المحافظات اليمنية، وتكفلت المملكة بالدعم المالي الذي سينعكس على أدائها في الأرض.
وزير الخارجية اليمني تحدث عن الدور السعودي لدفع العملية السلمية في اليمن، عبر المشاركة الفاعلة في المشاورات الجارية في الكويت؛ وكذلك تواصل السعوديين مع الحوثيين. وقال إن ذلك يساعد في دفع المشاورات في الاتجاه الصحيح، خصوصا أن السعودية بعثت، قبل انطلاق المشاورات، برسائل مطمئنة للحوثيين للقبول بالمشاورات، عبر توقيع اتفاقات كان لها أثر، وانعكست على المشاورات.
وزاد على ذلك بالحديث عن جهود السعودية لإحلال ما وصفه بـ"السلام الكبير"، مثلما كان لها دور في دعم الحكومة عسكريا. وحث الحوثيين وصالح على إدراك أنه عند إحلال السلام سيجدون السعودية أول من يقدم الخير لوقف هذا التدهور الذي يعصف بالبلاد. وشدد المخلافي، على أنه منذ الساعات الأولى والسعودية تعمل في كل الاتجاهات، ومن ذلك المساعدات الإنسانية التي يقدمها مركز الملك سلمان، وليس هناك أفضل مما قدم في هذا الجانب.
ولأن السعودية لم تطمئن بعد إلى حقيقة موقف الحوثيين من رفض التحالف مع إيران، وكذا الموقف العدائي تجاه الرئيس السابق، وبروز التنظيمات الإرهابية في اليمن، وتنامي الدعوات الانفصالية، وقوة الجماعات الدينية مختلفة التوجهات؛ فإنها أمام مهمة معقدة وصعبة
وإذا ما اخذ في الاعتبار عجز الحكومة المعترف بها دوليا عن إدارة المناطق التي تم تحريرها من قبضة الحوثيين والرئيس السابق، وتصدُّر الجماعات السلفية و"الإخوان" المشهد العسكري والسياسي، واختلاف الرؤى بين الرياض وأبو ظبي في كيفية التعامل مع الوضع في اليمن؛ فإن تحديات وعقبات كبيرة تواجه عملية السلام.
محمد الأحمد