ما هي محددات تحقق فرضية “الحرب الإقليمية”؟

أربعاء, 2024-10-09 08:37

لا تزال عقلية التأسيس للوجود وأدواته الإسرائيلية منذ عام 1948 ترخي بظلالها على الجغرافيا الفلسطينية ومحيطها الشرق أوسطي برمته، بما لها من أعباء ومخاطر هدفها التوسع والاستيطان بقوة البارود.. لتأمين استمرارية الوجود.. الوجود المحكوم بأحلام توراتية لوح بها نتنياهو بأروقة الأمم المتحدة بخارطة توسيعية جعلت من لبنان وسورية والعراق وإيران ساحات “لإعادة الهيكلة “، يوظف لأجلها ألته العسكرية على سبع جبهات.

لبنان عقدة الانطلاق الإسرائيلي وإرهاصات الشروع بمشروعهم الجيوستراستيجي عديدة.. بدأت بخرق استخباراتي اكتملت حلقته باغتيال الأمين العام لحزب الله.. تكللت بحشد بري تمهيدي لاجتياح لبنان بدأت محاولاته منذ سبعة أيام.. لم تحقق نجاحا يذكر.. فحزب الله مستمر بفرض معادلته بوصفه عامل التوازن على جغرافيا الجنوب اللبناني.. والبديل عمليات قصف مستمر تطال قرى الضاحية الجنوبية تباعا وصولا إلى بيروت والقتلى والجرحى والمهجرين بالالاف.

لحظة فارقة من مسار الحرب مالت بها الكفة لصالح إسرائيل.. جاء الرد الإيراني بأكثر من 250 صاروخ باليستي ضربت أهدافا حساسة أمنية وعسكرية، ليعود التوازن جزئياً لمحور المقاومة، ولتترسخ معادلة الردع وتحالفات ما قبل الاغتيال، رد جعل من مقاربة انزلاق الأحداث نحو حرب إقليمية أكثر واقعية.

الرد الإيراني أعقبه اهتزاز صورة المتفوق عسكريا بين صفوف اليهود الإسرائيليين، شعور عالجه وعاجلة الكبينت بإجماعه على الرد .. بتنسيق ومساعدة من واشنطن وحلفائها، رد لا يعلم شدته أو نطاقه أو أهدافه، فالمنظور الإسرائيلي يحمل طهران مسؤولية ما تواجهه في غزة واليمن والعراق رغم استهدافهم المتكرر لهذه الدول .. منظور يدخل المنطقة في متاهات الفعل ورد الفعل لتبقى مسارات الأحداث قيد التكهن في ظل معادلات استراتيجية أرستها إيران تحكم الموقف.

حيثيات الهجمة الإسرائيلية وأهدافها وفوارق أهميتها موضع تباحث أمريكي إسرائيلي، ترد عليه طهران بتأكيد جهوزيتها واستعدادها للاحتمالات كافة، مؤكدة تتابع مسار الرد والرد على الرد واضعة أهدافه ونطاقه، ما يجعل الشرق الأوسط أمام احتمالات حرب تتعدد أطرافها تبعا لمعايير الأيديولوجيا والتحالفات والمصالح ومقتضيات الأمن القومي.. حرب يتوقف حدوقها على محددات عدة أبرزها: جدية إسرائيل بالرد ، ونوعية أهدافها وتعداد حلفائها مقابل حجم الخسائر الإيرانية وتفعيلها للرد المضاد وتوظيف تحالفاتها ونسف قواعد الاشتباك السابقة، ليرتسم المشهد وفق إعادة هيكلة موازين القوى والواقع الجيوستراتيجي بالشرق الأوسط.

د . ساعود جمال ساعود

قسم الدراسات السياسية والإستراتيجية – جامعة دمشق