أعلن الملياردير بهاء رفيق الحريري عن نيته دخول المعترك السياسي بعد أيام من إعلان شقيقه رئيس الوزراء السابق سعد الحريري عن تعليق نشاطه في الحياة السياسية اللبنانية ودعوته ” تيار المستقبل ” الذي يرأسه إلى عدم خوض الانتخابات النيابية في أيار/ مايو القادم. وتوجه بهاء إلى اللبنانيين بكلمة متلفزة أكد فيها خطورة المرحلة التي يمر بها لبنان بقوله ” بداية يجب التأكيد على أن لا ديننا ولا أخلاقنا ولا تربيتنا نحن أبناء الشهيد رفيق الحريري تسمح لنا بالتخلي عن مسؤوليتنا بوضع جميع امكانياتنا في سبيل نهضة لبنان، لبنان الرسالة، لبنان الرمز، لبنان الوطن.” وختم قائلا ” ابن الشهيد الحريري ما بيترك لبنان، موجودون معكم وقريبا جدا بيناتكم، عاش لبنان سيدا حرا مستقلا.”
لبنان دولة طائفية تتحكم به أحزاب وعائلات معينة لها مليشيات تمثل الوجه العسكري للطوائف والأحزاب التي تحاول تحقيق أهدافها من خلال ارتباطها بأطراف خارجية تقدم إليها الإمكانات المادية والعسكرية والأسلحة مقابل تحقيق مصالحها المباشرة وغير المباشرة؛ فلماذا يركز ” تيار المستقبل ” السني الذي يمثله سعد وسيمثله شقيقه بهاء، في حالة تكليفه بتشكيل حكومة لبنانية، على وجود حزب الله ويتهمه بالعمالة لإيران ويطالب بنزع سلاحه؟ ولماذا لا يطالب بنزع سلاح حزب ” القوات اللبنانية ” المعادية لوجود حزب الله في لبنان، والمشكلة عسكريا بطريقة لا تختلف كثيرا عن حزب الله. أي إنها مشكلة وفقا للخطوط العسكرية التقليدية، إذ تتكون من ألوية وكتائب وسرايا، ولا تقتصر تشكيلاتها على المشاة، وإنما تضم المدفعية والمدرعات، ولواء خاص بحرب الجبال، وأسطولا بحريا صغيرا، وترفض إلغاء أو تعديل نظام المحاصصة الطائفي، ولا تخفي نواياها للتطبيع مع إسرائيل التي تعاونت معها علنا في قتل اللبنانيين وتدمير لبنان خلال الحرب الأهلية، وتشاركها العداء للفلسطينيين، وكانت شريكتها في مجازر مخيمي ” صبرا وشاتيلا؟” التي نفذت في 16 سبتمبر 1982، واستمرت ثلاثة أيام، وقدر عدد ضحاياها بين 750 و 3500 قتيل ومفقود.
حزب الله تدعمه إيران وله جذوره الطائفية كحزب ” القوات اللبنانية ” المسيحي، و ” تيار المستقيل ” السني، لكنه يختلف عنهما بكونه حزب مقاومة وإصلاح سياسي يطالب بإلغاء النظام الطائفي اللبناني والتخلص من ملوك الطوائف المسيحيين والمسلمين، ولا يخفي حرصه على حماية لبنان، ويجاهر بعدائه لإسرائيل والقوى المعادية للعرب والمسلمين، بينما تدعم معظم الدول العربية، خاصة السعودية التي يحمل سعد الحريري وشقيقه بهاء جنسيتها موقف ” تيار المستقبل ” وحزب ” القوات اللبنانية ” المؤيد لملوك الطوائف المسيحيين والمسلمين الذين يرفضون التخلي عن امتيازاتهم، وتتماشى مواقفهم مع سياسات إسرائيل وأمريكا وغيرهما من دول الغرب التي تعتبره حزبا إرهابيا.
من الممكن أن يصل بهاء الحريري إلى منصب رئاسة الحكومة الذي يشير تصريحه بأسلوب غير مباشر أنه يفكر فيه، وسيسعى للوصول إليه؛ لكنه سيفشل كما فشل شقيقه سعد ورؤساء الوزراء السابقين في حل مشاكل لبنان الذي تكمن مأساته في تركيبته السياسية الطائفية التي مكنت عائلات معينة من التحكم به وبثرواته، وأوصلته إلى ما هو فيه من عجز وافلاس سياسي واقتصادي وفقر وفساد، وليس في وجود حزب الله كما يدعي زعماء الطوائف ومن ضمنهم بهاء الحريري وشقيقه سعد!
د. كاظم ناصر كاتب فلسطيني