إذا صح ما قيل عن التراجع عن الإصلاح التربوي الحالي، وإرجاع الحسانية واللهجات الأخرى لتدرس بها المواد العلمية فإن هذا يعدا فشلا ذريعا وخيبة أمل كبيرة.
استقالة الدولة في هذا الأمر وتركه بين أيدي المعلمين المتخاذلين والسعي لإرضاء كل الأصوات المؤدلجة والمتنافرة، وعدم وجود رؤية توجيهية صلبة، أوجد فراغا استغلته القوى الرجعية لإفساد التعليم وإرجاعه لسنين التخلف والتردي.
التعليم مسألة جوهرية وعميقة ومصيرية، ولا تترك في أيدى ثلة قليلة لا يهمها إلا تعقيد ما هو بسيط وبديهي، التعليم اليوم لا يمكن أن يستغني عن الإزدواجية أبدا: الفرنسية للمواد العلمية والعربية للمواد الحضارية والثقافية، ولا شيء آخر، ومن يدعو غير هذه الدعوى فهو يسعى تلقائيا للإفساد والتشظي وبث الفرقة وأسبابها؟
والتعليم أيضا للأسباب المذكورة آنفا يجب إبعاده قسرا عن السياسة والتجاذب السياسي والأيدلوجي، وكل من يثبت سجله ونشاطه في هذه الأباطيل، كان من المناسب إبعاده عن منتديات إصلاح التعليم، لكن العكس هو بالضبط ما حصل!
الذين يقررون مستقبل الناشئة هم قوى مؤدلجة من مختلف ألوان التشكيلة وكل ينتصر لرأيه، ولا تهمهم المصلحة الوطنية الجامعة، وعدم حضور رؤية قوية وصلبة توجيهية أغرقنا في هذا التخبط والتخليط والذي سيعود بالبلد إلى سنين التيه والرداءة والتخلف عن الركب الحضاري.
الأسباب الحقيقية التي كان يجب معالجتها هي ضعف مستويات الكادر التربوي (معلمين، مفتشين..) وغياب التحفيز والتفتيش والمراقبة، لكن نقابات التعليم ولوبياته القوية والكثيرة والتي تعمل كسور لحماية منتسبيها من كل تقييم أو تمهين، نجحت في غض الطرف عن هذه المشاكل، وجاءت بالحل السحري الذي يبقي الآلاف منهم في وظائهم وبدون أي مجهود أو إبداع، فقط تلقين، والتعليم ليس ملأ دلو وإنما إيقاد شعلة كما يقال، لكن المثبطين لا يعملون ولا يتركون أحدا يعمل!
الكاتب الصفي سيد أحمد ولد أعْمَرْ ولد محم