في موقع " الإعلام" اطلعت على هذا البيان السياسي، وهو اعلان عن تأسيس معارضة مغايرة لما هو قائم في الحراك الاجتماعي السياسي، والبيان تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي،، وقبل عملية التقييم، فالأحرى بي أن أشير الى أن الوحدوي الناصري، يمكنه منهجه، ونظريته من تقييم الوثائق الفكرية، سياسية كانت، أوايديولوجية، وبالتالي، فهو مطالب بمنهجه، ورؤيته اللذين سيقرأ على ضوئهما ما ورد في تلك الأدبيات، ومنها البيان السياسي الأخطر في موضونه، ونوايا ناشريه،، فما هو منهجنا التحليلي، ورؤيتنا السياسية التحررية؟
إن منهجنا كما ورد في كتب" النظرية العربية" للدكتور عصمت سيف الدولة ـ رحمه الله ـ، هو: المنهج الذي يقدم خطوات اجرائية، لفهم الظواهر، وتفسيرها، والتنبؤ بإحتمال استمرارها من عدمه في المستقبل المنظور،، وخطوات المنهج باختصار هي: " الوعي، والحركة، فالعمل"، وهي سلسلة مترابطة، تنظم السلوك للعملي، والتحليلي، كما الأداء الثوري العربي من اجل التغيير الذي طرحت معالمه في فكر الثورة العربية، وهو فكر متماسك بنظرياته المتكاملة، وهي أهداف إذا تحقق بعضها، فيبقى مشروطا، منقوصا إلى تحقيق التالي منها، فالحرية على سبيل المثال، هي: حرية وطن، وحرية مواطن، وحرية المواطن ناقصة، حتى يتحقق العدل الاجتماعي الذي يتوقف على قدرة القطاع العام على تمكين الدولة الوطنية من تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين، كل المواطنين في التعليم، وفي العمل، وفي تكافؤ الفرص، وفي التوزيع العادل للثروة عن طريق توظيف الكمي، والكيفي معا، ويستند في هذا المجال إلى دور التخطيط التنموي الذي يمكن من توسيع قواعد الانتاج في مختلف القطاعات،، ولا يستطيع أي قطر عربي من توسيع قاعدة التحرر الوطني، وتحرير المواطن دون تحقيق الوحدة العربية التي تؤمنها من خطر المواجهة مع قوى الداخل المعادية لمشاريع التغيير، ومخاطر ارتباطاتها بقوى الخارج التي ظلت للقرون السابقة( 18،19، 20 م)، وهي تقيم مؤسسات انظمتها الغربية على مدخرات الوطن العربي، ومرراته، وثرواته الطبيعية؟
إن تجربة العمل السياسي الوحدوي السابقة في مصر، بما في ذلك تجربة الوحدة العربية بقيام الجمهورية العربية المتحدة،، مكنت المؤمنين بالعمل السياسي العربي، وتوجيه القائمين عليه، لتجاوز عقبات العمل السياسي المرتجل، وتوجيهه بالفكر العربي الوحدوي مقارنة بوضع الفروض النظرية، واختبارها بعمليتي "التجربة والخطأ" الى استخلاص القوانين المؤكدة بالتجربة الناجحة خلال ثمانية عشر( 18) عاما،، إذ لم يبق النظر الى الحرية على أنها " افتراض" يتعلق بالديمقراطية الاجتماعية من منظور الماركسية اللأنسانية، والديمقراطية السياسية الغربية، لإسكات رموز الطبقة الوسطى، وإنما تجاوزا لهما فى الأداء الإجرائي بسن قوانين للإصلاح الزراعي، وتمكين التنمية في المجتمع للانتقال به مما قبل، الى المجتمعات الحديثة، والتخطيط الحضري للمدائن الكبرى، وإقامة مؤسسات، وصروح لمشاريع للتعليم ، والصناعة، ومأسسة البنى للصحة العامة، وقوامها المستشفيات، والمستوصفات في القرى والمدن محدودة الساكنة، وكوكبة من علماء الطب في مختلف التخصصات، وهي روافد ضامنة لرغيد العيش الكريم للمواطن طيلة حياته خلال ما يقدمه الضمان الاجتماعي ..
واصبحت الوحدة العربية، تعني قوة الإرادة العربية في التكاتف، والتضامن، والتكامل العربي في جميع المجالات عسكريا، وماديا، ومعنويا للأمة في مواجهة التحديات الخارجية مهما كان شكلها، ومضمونها، وموقعها، كما في فلسطين منذ احتلالها،، ولم يكن يهدف الأمة من الوحدة ماضيا، أو حاضرا، او مستقبلا، أو من مظاهر التضامن، والتكافل العربي، هو إخضاع الأنظمة السياسية في الأقطار العربية "للتطبيع"، أو للهيمنة الأمبريالية للغرب، كما هو الحال القائم الذي يعبر عن هذا المستوى من الشلل الإرادوي، ومن ضياع البوصلة، نظرا لإبتعادنا عن آليات مشروع الأمة الحضاري في الاستقلال، والسيادة التي تعبر عن مطالب الحرية للوطن، والمواطن قبل تقصير السيادة على التحكم في القادة، وفرض مشاريع تنموية، تمولها الصناديق المالية الغربية، لسرقة الاستقلال، وتدمير مستقبل المواطن العربي ،، وهي من أسوأ اشكال التبعية، وأحط درجاتها المرتفعة التي صارت عاملا مشتركا للنظام السياسي العربي القبيح في مظاهره، والمجرم ـ وليس المدان فحسب ـ في سياساته الداخلية، والخارجية، وللقائمين عليه الذين تحيطهم رعاية الإدانة العامة التي لم يصدها عنهم حرس القصور الرئاسية، أو الاميرية، أو الملكية، أو السلطانية، لأنهم كانوا متوشحين بمثالبها، كما كادت أن توحد اسماءهم، وصفاتهم، وسلوكهم السياسي على قدم المساواة من المحيط الى الخليج.
وقبل النظام العربي ب"أوباشه" من حكام راكعين لغير الله،، كان لدينا رصيد نظري في السياسة، قائم على التحالفات الثورية، والدفاع المشرك عن مصالح الشعوب المتحررة التي يعبر عنها ممثلون ـ لا عملاء للغرب ومؤسساته الدولية ـ في المحافل الدولية التي توجت التنسيق في التكتلات الرائعة في إطار الدوائر الثلاث: العربية، والافريقية، وعدم الانحياز لدول العالم الثالث التي نراها اليوم، وقد استلبت مضمون رسالتها، نظرا للاختراق الذي جعل من امريكا عضوا مراقبا في منظمة العمل الاسلامي، وتركيا، وهي عضو في حلف الناتو الامبريالي،،
التقييم للبيان التاسيسي للجبهة المعارضة للنظام السياسي الموريتاني:
لو طبقنا المنهج التحليلي أعلاه : " الوعي، والحركة، فالعمل" في القراءة التالية للبيان السياسي الذي فيه عن وعي سياسي عرقي،وفئوي لواحدة من الإثنيات في المجتمع، وشاركها فريق من فئة اجتماعية من المجتمع العربي الموريتاني، وقد وحد بينهما الوعي الجزئي، وميوله، واتجاهاته الشاخصة في ابعاد الزاوية الخلفية، ولم يتوجه اصحابه الى الامام في المطالبة بالحرية السياسية، والعدالة الاجتماعية للوحدة الاجتماعية العامة،،
وكانت " الحركة": مقتصرة على نشر، وتوزيع البيان السياسي لتحقيق مطالب التغيير الجزئي، وليس التغيير العام، والمطالب المرفوعة، لم تراع الحقوق الشاملة للمجتمع الموريتاني، ولا أدري كيف سمح هؤلاء لأنفسهم بالمطالبة بتغيير نظام سياسي عام، ما لم يكن التغيير يراعي حقوق الجميع، وكان من الموضوعي أن يطالبوا بحقوقهم المستحقة، لكن أن يطالبوا بتغيير نظام سياسي دون الاجماع على ذلك، فذلك تجاوز يتعارض مع حقوق مجتمعهم، مادام سبيلهم للتغيير النهج السلمي، لأن الأمر يتعلق بحقوق جزئية مرفوعة على أساس الحيف الذي تعاني منه شريحة اجتماعية من المجتمع، وتضمن البيان انحياز النظام، وسلطته التنفيذية لباقي الفئات الاجتماعية الأخرى،،
ودور " العمل" الوظيفي: أن تكون الحركة في الخطوة السابقة، وسيلته الأولى، ودافعا لتحقيق المطالب في البيان، ولذلك، فالفعل مؤجل، إذ لم يعلن عن مبادأة عملية، غير هذا التحرك السياسي، ولكن مؤشرات العمل المنتظر، ومضمونه في لغة البيان السياسي، ناطقة بما يعتمل في النوايا السياسية لأصحابه، كانتوائهم اعتماد اسلوب " التدافع"، ويعني التدافع الصراع في قوله تعالى(( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع)) ـ صدق الله العظيم ـ ، وبما أن بلادنا أهلها مسلمون منذ الفتح العربي الاسلامي، فإن التدافع، ربما يكون المقصود به هدم المساجد ودور العبادة التي تحتضن فقه الاسترقاق ـ على حد التعبير اصحابه ـ الذي ركز على اعتماد سياسة "اجتثاثه"،، ولعل التهديد قبل التدافع/ الصراع، يمكن اصحاب البيان من تحقيق مطالبهم، فلا يحتاجون الى ما هو مطروح كخيار التدافع،،
فما هو موضوع البيان؟
إن اصحابه ركزوا على مفهوم " الإرث" الإنساني الذي استغرق على ثلاث من اربع (3/4) لمادة البيان، ويظهر من النظرة المادية، والمعنوية لهذا الإرث على أنه ميراث،" تركة": وقد حان الوقت لتقاسمها على الورثة، ولعلهم اصحاب البيان،، وبالتالي فالمطالب لا تعبر عن مطالب مشتركة للمجتمع، أو لفئات منه، وقع عليها الظلم على غرار ما حصل في امريكا قبل ستينيات القرن الماضي، أو حصل في جنوب افريقيا قبل انتصار الثوار، وسقوط حكم الأقلية العنصرية، أو يحاكي التدخل الثوري لقوى سياسية للتسريع، والانتقال بالمجتمع من مستويات اجتماعية متخلفة، كانت تحتاج لتغيير سياسي، وثقافي بما يحقق الصالح العام، وإنما الأمر يهدف الى غايات اخرى، تتعلق بتفكيك وحدة المجتمع، وبنائه العام، وليس تحديثه وفق معايير عامة، أو العمل عليها،، ولعله يتعلق بالأبتزاز السياسي لنطام الحكم، حيث ترى مجموعة البيان، أنه في حالة من الضعف، وبالتالي تساومه على مصالحها باسم "الهوية الفئوية ـ العرقية"، وذلك من اجل أن تجني مصالح شخصية، وتفتح بذلك طريقا، كان موصدا على غيرها، أو الألتجاء الى العنف مع النظام،، أما الاحتمال الثاني، فهو التقدير القائم على أن اصحاب البيان تتستر وراءهم قوة سياسية خارجية، وهي تسعى لإخضاع نظام الحكم بالإبتزاز، وإذا تمكنت من ذلك، ستقطع مساندتها، وتشجيعها لأصحاب البيان المذكورعلى غرار ما حصل مع حركة " المشعل الافريقي" عندما " طبع" نظام معاوية مع الكيان الصهيوني..والسؤال، هو: من هي هذه القوة الخارجية؟
وكانت لغة البيان مختلفة عن لغة السياسيين التي يراعي أصحابها استمالة اتجاهات الرأي العام، ولغة المصالحة مع النظام السياسي، وتجنب الصدام معه، لكن العكس من ذلك في لغة، هي أكثر تعبيرا عن سياسة حرق المراكب للمواجهة، والأستهداف الأولي، يتعلق بابتزاز نظام الحكم في سبيل الأستجابة لمطالب هذا التحالف الثنائي الذي ظهره البيان في التركيز على مصالح ( سياسيي الحراطين، وسياسيي البولار).
أما القوميون، وغيرهم من الموريتانيين، فلا توجد مادة واحدة من مواد البيان، أو كلمة، أحرى فكرة تتعلق ببرامجهم السياسية، الأمر الذي يشير الى أن احتمال مشاركتهم الفعلية، مشكوك فيها، رغم ادراج اسمائهم في خاتمة التوقيع على البيان، كما أن استجابة النظام للمطاب المذكورة، احتمال غير وارد حسب التقديرات الموضوعية، لأن ذلك سيفرض عليه تفكيك النظام الاجتماعي، وليس النظام السياسي فحسب، والأمر يحتاج الى ثورة بلا ثوار ، لأن التحديد العام لمفهوم مخلفات "الإرث" الانساني، موزع على خريطة عامة تضم كلا النظامين: الاجتماعي، والسياسي، وبالتالي استحالة الانصياع، وتأجيل المواجهة،، في الإرث في تقديرهم، هو : " مخلفات العبودية، وانصافهم، وتمكينهم بشكل يضمن لهم المساواة في فرص العيش الكريم، وفي الإحساس بالأنتماء"، وكذلك، هو : " التسوية: مبنية على المصارحة، الاعتراف، العفو، والتسامح، والانصاف، والمساواة، والتدافع بالمعروف"،، وكذلك، هو: " ترصيع الدستور للأعتراف بالخصوصية الثقافية، والاجتماعية، والحضارية لكل مكون من مكونات الإثنية، والقومية داخل الدولة الواحدة، والمجتمع المتعدد الثقافات واللغات، والاعراق، والهويات الثقافية، والاجتماعية".
أما الأكثر من ذلك، فهو الإرث الانساني الذي يطال ورثته بانتهاج سياسة: " الاجتثاث من الادارة، والقضاء، والتعليم، وتنقية المناهج التربوية، والتعليمية من فقه الاسترقاق، واجتهاداته الفقهية".
وهو مشروع لإدانة عامة، ولا يخص النظام القائم وسياسته، وإنما يشمل الطبقة السياسية الفاسدة ـ على حد تعبيرهم ـ ، والنظام الاجتماعي الطبقي، كما تشمل النظام السياسي الحديث منذ نشأته"، ولذلك هناك مطالبة بإلغاء القوانين في المادة السادسة (6) بما يعني حرفيا: " الغاء القوانين، أو نظام داخلي، أو مؤسسي، أو قرار اداري، أو وظيفي، أو عضوي، أو مرسوم، لا يلبي، ويستجيب تلقائيا للتنوع والخصوصية".
فهذا النص الأخير، تم تقنينه من طرف هيئات قانونية، وليس من طرف حركة سياسية، لأنه يتضمن أمورا تتجاوز مطالب الحراك الاجتماعي السياسي الموريتاني الذي له كامل الحق بالمطالبة بحقوقه المدنية، والسياسية،، إنما أن يطرح بهذه الصراحة، إعادة تأسيس النظام السياسي على " الفدرلة"، وكأن مطالب كرد العراق، وسورية، يتم نقلها حرفيا من أجل تقسيم موريتانيا على أساسها. وهذه الفدرلة تشرف عليها " الهيئة السامية للحقيقة، والمصارحة، والمصالحة، والإنصاف" !
ما هي الأهداف العامة في البيان؟
وهي عديدة ما شاء الله، ومنها ما هو عام، وما هو خاص فئوي، أما العام، فهو محصور في الاشارة الهامشية ل:" تقوية الهوية الموريتانية، واصلاح التعليم"، و أما الاهداف الخاصة بالفئات، فمنها: " معالجة معضلة العبودية: الأشكال المختلفة لها، والمتنوعة، والمتجددة، القبلية، والعقارية، والوظيفية، والمهنية، والاقطاعية الزراعية، والريفية، والتنموية، وتجلياتها ـ مظاهرها ـ وآثارها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والتعليمية، والمادية، والمعنوية، والنفسية، وتفعيل القوانين المجرمة لها"،،
وما الذي دفع قادة التحالف الى طرح هذه المطالب الآن ؟
ربما بسبب تنامي الوعي بالحقوق المدنية، والسياسية الآنية، وكذلك من اجل استرجاع الحقوق السابقة علاوة على انتقاص الحقوق القومية، الإثنية ل"البولار" في موريتانيا التي استطاعت أن تكون هذه الجبهة مع فئة الحراطين التي كانت مسترقة، ولازال استرقاقها قائما ـ على حد تعبيرهم في البيان ـ نظرا لسوء الظروف التي فرضت على هذه الشريحة، لذلك بقيت تراوح في مربع الفترة الأولى، ولكونها مصنفة من جهة المواطنة من الدرجة الثانية ، وقد تكرر هذا المصطلح ثلاث مرات في فقرة واحدة ..
أما مبررات المدرجة للمطالبة بالحقوق، فالمذكور منها، أن : الظروف العامة مواتية لذلك، وهي : " التحدي الأمني، وهشاشة النظام، وتفاقم المشاكل، وحالة الوضع الداخلي المضطرب، وكون سيادة البلاد في خطر بفعل شراسة، وقوة الضغط الخارجي ـ هذه العبارة تستحق التحليل، والتوقف عندها ـ وسياسة المحاباة، وامكانية توظيف الثورة الرقمية، وخوف الطبقة السياسية، واختلافها فيما بينها، وغياب الإرادة، وتمجيد الموالاة والمعارضة للنظام السياسي القائم، باعتباره صاحب رؤية ضبابية، ورئيسه ضعيف ".
ويكذب على نفسه من يصدق أن هذه المطالب، يسعى اصحابها لتحقيقها بواسطة " الطرق السلمية، والقانونية، سبيلا للتغيير" لأن توظيف المفاهيم المناقض بعضها لبعض في الجملة الواحدة، يشي بوضع السياسة السلمية هذه، كستارة للعنف الذي تتراقص الفاظه على ألسنة قيادة، ك " العهد (القوي) للتغيير، و(فرض) التغيير ،، و(التدافع) بالمعروف"، وهي ثنائية ضدية، أفصحت عن التهديد في المنشور السياسي، كما لو أن اصحابه يخيرون النظام السياسي بين الخطة ألف( أ)، وبين الخطة ( ب)، إذا اقتضت الضرورة.
وهل نسي القوم، أن المعادلة ذات المجهولين التي بنوا عليها تصوراتهم تجاه النظام القائم من جهة ضعفه، واستكانة الموريتانيين لتمرير هذا المخطط، قائمة على تصور خاطئي، بدليل أن المحتل الفرنسي، لم يترك من عوامل النظام الحديث بعد الاستقلال، إلا مؤسستي الأمن الداخلي، والجيش، وحرص على وتسليحهم بسلاح موجه للداخل، وليس الى الخارج، والدليل على ذلك أن جيشنا الوطني، وقيادته العليا للجيوش، لم يستطع طول المواجهة في حرب الصحراء، وعندما هددت السينغال موريتانيا بالحرب التي كانت فرنسا خلف التهديد بتفعيل دور وزيري الداخلية ـ ذوي الأصول الفرنسية في كل من البلدين ـ في إشعال الحرب،، وجد كلا البلدين الحاجة الماسة للاستناد إلى قوى الخارج، لأن جيشهما، مسلحان لمواجهة قوى الداخل، وليس لمواجهة قوى الخارج.
لذلك على قادة التحالف المعارض مراجعة حساباتهم في هذه الجزئية، بعد نشر البيان التأسيسي.
وقبل النظر الى كل ما ستجري به المقادير في هذا الموضوع، نسأل اصحاب البيان، هل قارنوا بين نتائج "ثورة الزنج "في جنوب العراق في العام 869م، وبين نتائج انتزاع المواطنة الامريكية السمراء" روزا باركس" لحقوق الأفارقة لدى رفضها القيام من مقعدها في الحافلة في العام1956م, وما ترتب على ذلك من نضال سلمي أدى الى المساواة في الحقوق المدنية في العام 1964م.؟ وهل ترتب على هذا القانون استرجاع حقوق الأفارقة في حي " هالم" وغيره من احيان مدينة " نيويورك"، وغيرها من المدائن الامريكية خلال القرنين التاسع عشر، والعشرين؟ وهل كان انتزاع الحقوق المدنية للأفارقة في جنوب افريقيا، على حساب الحقوق المدنية للأقلية البيضاء؟
وسنرى ما هي: ردود الفعل لمختلف القوى السياسية في الحراك الاجتماعي السياسي العام من الموالين والمعارضين لسياسة النظام، وأتصور أن عليهم جميعا أن يعبروا عن مواقفهم إزاء هذا التحالف، وتلك المطالب الواردة في هذا البيان؟ وهل يتوخى النظام الحاكم اسلوب المداورة مع قوى الداخل، أو مع قوى الخارج، أو المجابهة للذي هو اقرب منه، ومن ثم للذي هو أبعد ؟
د/ إشيب ولد أباتي