أنهى هذا الشاب إمتحان الباكلوريا في كيفه القائظة؛ وقد بقيت عشرة أيام أو أقل من يونيه للعام الأول من الألف الثالثة، ولم يك فرحا ولا حزينا، كان في منزلة ما بين الأمرين. لا يبالغ في التفاؤل ولا يسرف في التشاؤم، يأخذ الأمر من المنتصف مع رجحان الكفة إلى نجاح عادي غير باهر. ثم تعجل في يوم ما كان عليه أن يقوم به في أيام وغادر المدينة إلى مسقط رأسه.
في هذه القرية الملتقى حط الرحال عند هؤلاء الكرام فأكرموه وبالغوا في إكرامه، ويتذكر أنه في اليوم الأول استيقظ في حدود منتصف النهار، وتفاجأ أن الشاي والفطور ينتظران من ساعات الصبح الأولى، لكن المضيفين -لحسن أخلاقهم وكرم وفادتهم-لم يبالغوا في إيقاظه وتركوه حتى يستوفي نومه من غير تنغيص ولا تعكير.
في أثناء هذين اليومين وبمعية هؤلاء الفضلاء أخذ قسطا من الراحة لا بأس به بعد جولة الباكلوريا المتعبة في كيفه، وأخذ قلما وورقة وهو في فناء دارهم وقام إلى حساب نتيجته المتوقعة في الإمتحان. وكان المعيار أن لا تحسب إلا أقل علامة متوقعة يمكن الحصول عليها. وتوصل في حسابه إلى أنه سيحصل على (١٢,١٣)، وهي أقل نتيجة يتوقع أن يحصل عليها.
وتيسر له أن جاء إلى مسقط رأسه ولبث أياما في الانتظار، وتكرم هذا الماجد أن أذاع له بلاغا في الإذاعة يعلمه بنجاحه. وغادر إلى العاصمة وعند وصوله نظر إلى ورقة الكشف فإذا بها نفس النتيجة وبنفس الفاصلة ومن غير زيادة أو نقصان، فتعجب شديد العجب من هذا وكيف أنك إذا صدقت مع نفسك، صدقتك الحوادث. والله تعالى أعلم وأكرم وله الحمد والشكر.
الكاتب الصحفي سيدأحمد ولد أعمر ولد محم