يدرك كثيرون منا أن مسابقات الأسلاك العسكرية والأمنية ما زالت هي الأحوج للمزيد من الشفافية، لما يحصل فيها من وساطات وغش وزبونية ومخالفات قانونية، وكلما ازدادت أهمية الرتب تزداد المسابقات سوءًا، ولعل المسابقة الداخلية ل 30 مفتشا من الشرطة، والتي أجريت قبل أيام، نموذج صارخ للمخالفات القانونية والإهمال، وللإقصاء والازدواجية، مما يؤثر على سمعة أجهزة الأمن ومصداقيتها وطبعا على أدائها ومعنويات أفرادها، وثقة المواطن والشركاء فيها.
فقد خالفت المسابقة صريح المرسوم 295 _ 2018 المتضن تطبيق القانون رقم 033.2018 الصادر بتاريخ 08 اغشت 2018 الذي يلغي ويحل محل القانون 007.2010 الصادر بتاريخ 20 يناير 2010 المتضمن النظام الأساسي للشرطة الوطنية، حيث ينص هذا المرسوم في مادته 33، الفقرة الثانية، أن اكتتاب التلاميذ المفتشين مفتوحة أمام ضباط الصف الذين لديهم أقدمية خمس سنوات، وهو شرط بعيد مما حصل حيث تم اكتتاب عناصر لم يكملوا سنة واحدة، وآخرون لم يكملوا سنتين وآخرون دون ثلاث سنوات، بل يمكن القول إن حوالي ثلث المكتتبين لا تتوفر فيهم الشروط القانونية المذكورة في المرسوم (المرفق) ولا في المقرر 292 الخاص بالمسابقة والذي يحيل إلى المادة 33 من المرسوم المبين أعلاه (المرفق).
المسابقة شملت أيضا مخالفات قانونية تمثلت في حرمان مجموعة من ضباط الصف ممن تتوفر فيهم الشروط المتعلقة بخدمة خمس سنوات، وذلك باشتراط الباكالوريا لإقصائهم، وهو شرط بدون أي سند قانوني، وشرط الباك يتعلق فقط بالمسابقة الخارجية كما ينص المرسوم المذكور في الفقرة الأولى من مادته 33. ومن السخرية أن هذه المسابقة تطلبت يوما واحدا لتنظيم الامتحان وإعلان النتائج رغم أن المشاركين فيها تجاوزوا 130 متسابقا !!
يجب فتح تحقيق في هذه المسابقة لتدارك هذه المخالفات التي تأتي زبونيةً أو فسادا أو رشوة أو إهمالا على أقل تقدير، ويجب عقاب المسؤولين عن هذا التصرف المشين، كما يجب إدراك أن من يريد الأمن ويسعى لاحترام القانون عليه أن يبدأ بإصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضاء على الظلم الداخلي فيها خاصة في المسابقات والترقيات والمنح والامتيازات، فالتطفيف في ذلك خطير على هذه المؤسسات وعلى الوطن كله، وكذلك القضاء على الظلم الخارجي سواء منه ما يتعلق بالاكتتاب والزبونية فيه واحتكاره غالبا على النافذين في هذه المؤسسات، أو بظلم المؤسسات نفسها للمواطن قمعا أو إهانة أو تقصيرا في حمايته أو أمنه، وكلها أمور لن تدرك إلا بالعدل والقانون وتقوية هذه المؤسسات ماديا ومعنويا والمساواة بين المواطنين فيها ومن طرفها.