تدلف إلى هذا المجمع الذي له أزج عال، لكن ليس به دارات أو كلس أو خندق كما هو حال حصن عاديا بتيماء وفق الأعشى في مديحيته للمحلق وأنت على موعد مع أحدهم لبعض شأنك..
تتجول في الرواق حتى يحين موعد اللقاء. وفجأة يرحب بك هذا الشخص، والذي لا تعرفه، ويتبرع بأن يجاوبك بلطافة وود عن كل ما سألت. ثم أثناء الحديث يمر صاحب الشاي فيهديك كأسه، تحاول أن ترفض لكنه يصر أن تحتسي الشاي؛ فتوافق شاكرا ومتفاجئا وويجلسك على مقعد بجانب مقعده..ثم تسترسل معه في مواضيع خاصة!
تبدأ بسؤاله عن عمله وهل هو راض عنه؟ فيقول إنه مسكين ويعمل كبلانتوه في ديوان الوزير، وليس راضيا ولا شاكيا ويحمد لله على هذا الحال فتارة يتبلغ من حاجته وتارة يلهث وراءها، وهذه حال الدنيا مابين رضاء وسخط يضيف محاوري..
وتسأله عن كيفية تعامل رؤسائه معه(وزراء وأمناء عامين)؟ وكيف يصفهم! فيرد أنهم ليسوا على قدر واحد! فهناك وزير لا يسأل عنك رغم حرصك على تنظيف المكتب وترتيبه وإظهار الاحترام له. وهناك الوزير الذي يستقبلك ويمكن أن يستمع إلى مشاكلك؛ وربما يساعدك في حلها أو في حل جزء منها ويقول صاحبي "لقد أعطاني مرة أحد الوزراء في جلسة لما كلمته عن حالة إنسانية خمسين ألف أوقية وأمر لي بأعطية شهرية" ..ويواصل مجالسي الحديث بالقول إن نفس القاعدة تصدق على الأمناء العامين، فهذا لا يعبأ بك ولا يسأل عنك ولا يستقبلك.وهذا في كل مرة يلحظك أو تمر به لا تعدم منه بضعة آلاف من الأواق تستعين بها على إصلاح شأنك.
————
الأزج: البناء العالي
الدارات: جمع دارة ما أحاط بالشيء
الكلس: الحجارة
سيـد أحمـد أعمـر محّـم
كاتـب صحفـي