خلف الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، كان يقف نائبه مايك بنس الهادىء والمحافظ للغاية والمسيحي الورع الذي استقطب أصوات الناخبين المتدينين.
لكن ذلك لم يكن كافيا للفوز بولاية جديدة في البيت الأبيض.
مع إعلان الإعلام الأميركي فوز جو بايدن بالرئاسة، سيزيد التركيز على مسألة إن كان الرجل الموالي لترامب سيسعى للوصول إلى سدة الرئاسة في انتخابات عام 2024، وإن كان ارتباطه الراسخ بالرئيس سيساعده في هذا المسعى أم سيعطله.
منذ ترشح ترامب للرئاسة عام 2016، مثّل بنس عامل جذب للناخبين الجمهوريين المترددين لدعم نجم تلفزيوني من نيويورك تزوج ثلاث مرات.
كان بنس مصدر استقرار أيضا في إدارة غادرها عدة مسؤولين كبار.
في حين اعتاد ترامب إثارة الجدل عبر تغريداته، كثيرا ما كان بنس يهدّئ الأجواء دون أن يعبّر علنا عن آراء مخالفة للرئيس.
وصف جمهوريون بنس بأنه نائب وفيّ، لكن نقاده وصفوه بأنه “كبير المتملقين” وبأنه مهتم فقط بالحفاظ على منصبه.
وبنس محام عمل سابقا مقدم برامج إذاعية وشغل عضوية مجلس النواب من 2001 حتى 2013 وكان حاكم ولاية إنديانا عندما انضم إلى حملة ترامب عام 2016.
واستفاد ترامب من مصداقية بنس (61 عاما) في صفوف الجمهوريين باعتباره مسيحيا إنجيليا محافظا، إضافة إلى جاذبيته لدى الأميركيين المتدينين ومحافظي “حزام الذرة”.
عندما تقمص ترامب دور الدخيل في الساحة السياسية، كان بنس متحفظا، وعندما انتهك ترامب التقاليد باستمرار ظهر بنس كشخص تقيّ.
ولد بنس في كولومبوس بولاية إنديانا عام 1959، ونشأ معجبا بالرموز الليبرالية على غرار جون كينيدي قبل أن يصير يمينيا.
حين كان حاكما لولاية إنديانا، برز كمدافع عن القيم العائلية التقليدية ومناهض للاجهاض وزواج المثليين.
وقد وقّع بنس بصفته حاكم ولاية قوانين تجعل الاجهاض أكثر صعوبة في إنديانا. وتعرض لانتقاد شديد لدفاعه في 2015 عن قانون حول “الحرية الدينية” اعتبره معارضوه وسيلة تمييز ضد المثليين.
ويعرّف الرجل نفسه بأنه مسيحي ومحافظ وجمهوري، بهذا الترتيب.
تزوج ترامب ثلاث مرات وكان له عدة خليلات، لكن يعرف بنس بأنه يرفض البقاء وحيدا في غرفة مع امرأة ليست زوجته كارين.
في العام 2017، أكد المستشار الرئاسي السابق ستيف بانون على دوره الحاسم في الانتخابات. وقال لمجلة “نيويوركر” إن “ترامب حصل على أصوات القوميين الشعبويين، لكن بنس هو الأساس”، مؤكدا أنه “بدون بنس لا نكسب”.
– بنس 2024؟ –
عقب الوصول إلى البيت الأبيض، ترك بنس صدارة المشهد لترامب.
عمل في الظل مع الكونغرس والمسؤولين الجمهوريين وقام بمهمات دبلوماسية حساسة.
عدّل بنس مواقفه السياسية أيضا لتناسب مقاربة ترامب للتجارة والعلاقات الدبلوماسية والهجرة.
خلال زياراته المبكرة إلى أوروبا وآسيا، مهد الطريق لسياسات ترامب الجديدة لكنه طمأن أيضا الحلفاء المتخوفين.
إحدى أبرز لحظات ظهوره السياسي كانت خلال مواجهة منافسته كامالا هاريس خلال المناظرة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، كان منضبطا في إجاباته لكن ما سيعلق في الأذهان على الأرجح هي الذبابة التي حطت على شعره الأبيض لمدة دقيقتين وأدت إلى حملة سخرية على شبكات التواصل الاجتماعي.
بقي مايك بنس لاعب فريق، ولم يظهر قط وجود خلافات مع ترامب ولم يسعى إلى خدمة مسيرته الشخصية، وقد تسببت هذه النقطة الأخيرة في مغادرة كثيرين إدارة ترامب.
لم يتغيّر ذلك عندما عُيّن في آذار/مارس رئيسا لفريق عمل البيت الأبيض حول فيروس كورونا المستجد.
على صورة بنس، جاءت بيانات الفريق اليومية هادئة وواضحة وصارمة، قبل أن يتولى ترامب الموضوع ويضعف التوصيات حول التباعد الاجتماعي ووضع الكمامة والعلاجات المتوفرة.
لم يكن دافع بنس واضحا قطّ. هل كان يجهّز نفسه، على غرار نواب رؤساء كثيرين، في انتظار فرصته للترشح للرئاسة؟
أم كان قادرا فعلا على التعايش مع ترامب مثل جمهوريين آخرين كثيرين لخدمة أجندته المحافظة؟
في وقت سابق هذا العام سرت تخمينات كثيرة حول استبدال بنس بشخص آخر قادر على استقطاب ناخبين جدد، على غرار السفيرة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي أو وزير الخارجية مايك بومبيو.
مع ذلك، بقي الثنائي غير المتجانس معا، ووصف ترامب عضده الأيمن في آب/أغسطس بأنه “صلب كالصخرة”.
(أ ف ب)