فجر مايكل كوهين، المحامي الشخصي السابق لدونالد ترمب ومساعده الشخصي المقرب وكاتم أسراره ودافع الأموال لعشيقاته السابقات لإسكاتهن، في مقدمة لكتابه الجديد الذي يُتوقع صدوره قريبا، قنبلة من العيار الثقيل حين أكد أنه يعتقد بأن ترامب لن يغادر مقعد الرئاسة الأميركية في البيت الأبيض بسلام إذا خسر الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لأنه، ترامب، يعلم تماما أنه سيُقاد إلى السجن حين يخرج من الرئاسة، وهو يشعر بالرعب إزاء هذا الاحتمال القوي.
ونشر كوهين مقدمة لكتاب مذكراته القادم Disloyal "الخائن" يوم الخميس الماضي، 13/8، وفيه يرسم المحامي السابق لترمب صورة مدمرة لرئيسه السابق. ويأتي كتاب كوهين بعد كتابين آخرين مدمرين كُتبا عن ترمب في الشهرين الماضين. أولهما كتاب ابنة شقيق ترمب الأكبر، ماري ترمب، الفضائحي، الذي باع أكثر من مليون نسخة في اليوم الأول لنشره: Too Much and Never Enough: How My Family Created the World's Most Dangerous Man "أكثر من اللازم وغير كاف مطلقا: كيف أنتجت عائلتي أخطر رجل في العالم"، وكتاب The Room Where It Happened: A White House Memoir "الغرفة حيث وقعت الأحداث: مذكرات البيت الأبيض" لمستشار ترمب السابق للأمن القومي جون بولتون الذي وصل إلى قائمة "الكتب الأفضل مبيعا" لنيويورك تايمز. وقد أدى الكتابان، اللذان انتشرا انتشارا مدويا في الولايات المتحدة وفي العالم في الآونة الأخيرة، وكان مؤلفاهما ضيفين نافسا المشاهير والنجوم من الكتاب والمحللين الأميركيين على قنوات التلفزيون والصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي الأميركية والعالمية، وهو ما أدى إلى بث مئات الساعات من الدعاية السلبية لترمب قبل أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية. وكما حاول ترمب وإدارته منع الكتابين الأولين من رؤية النور وذهبا إلى المحاكم عدة مرات وأنفقا الآلاف من الدولارات لمنع صدورهما، فإنهما حاولا أيضا منع كوهين من مواصلة إعداد كتابه. جدير بالذكر أن كوهين كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات بدأ في تنفيذها في مطلع العام بسبب قضايا أدانه فيها القضاء الأميركي على خلفية اعترافه بارتكاب جرائم مالية فضلا عن كذبه على الكونغرس في قضايا لها علاقة بعمله مع ترمب على مدى ثماني سنوات. وكان قد أطلق سراح كوهين في أيار/مايو الماضي من سجنه على أساس أنه سجين غير خطير وبسبب رغبة سلطات ولاية نيويورك في إخلاء سبيل مثل هؤلاء السجناء لتجنب تعريضهم للإصابة بمرض فيروس كورونا. ولكن سلطات ولاية نيويورك عادت واعتقلته بعد إطلاق سراحه في تموز/يوليو الماضي قبل أن يتمكن من التماس المحاكم الأميركية ويفوز بحريته أخيرا لمواصلة العمل على تأليف كتابه الذي يُنتظر صدوره قبل الانتخابات الأميركية. وأمر قاض في محاكم نيويورك بالإفراج عن كوهين من السجن الشهر الماضي، مشيرا إلى أن الحكومة سعت إلى معاقبته بسبب عمله على الكتاب الفضائحي ضد ترمب عندما أعادته إلى السجن بعد إطلاق سراحه قبل ذلك.
وقال كوهين في المقدمة التي كشف عن نسخة منها لمجلة "بزنس إنسايدر": "ما عدا زوجته وأطفاله، عرفت ترامب أكثر من أي شخص آخر".
ويضيف: "من بعض النواحي، كنت أعرفه أكثر مما عرفته عائلته لأنني كنت شاهدًا على الرجل الحقيقي، كنت معه في نوادي التعري، واجتماعات العمل المشبوهة، وفي اللحظات التي كان الرجل فيها مسترخيا بالكامل عندما كان يكشف عن حقيقته الكاملة: شخص غشاش، كاذب، محتال، متنمر، عنصري، مفترس، ومحتال؛ هذه هي حقيقة ترمب."
القنبلة التي فجرها كوهين في مقدمة كتابه هي الكيفية التي يمكن أن يتصرف بها ترمب إذا ما خسر الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر، وهو أمر تتزايد احتمالات حدوثه مع تواصل تخلفه عن المرشح الرئاسي الديمقراطي، جو بايدن، في استطلاعات الرأي الأميركية منذ خمسة أشهر متواصلة.
وكتب كوهين: "مع مرور الأشهر فكرت في الرجل الذي أعرفه جيدًا، وأصبحت أكثر اقتناعًا بأن ترامب لن يترك منصبه بسلام". وأضاف: "أنواع الفضائح التي ظهرت في الأشهر الأخيرة ستستمر فقط في الظهور بمستويات أكبر، وبشكل يظهر فيه الرجل قدرا أكبر من الخيانة والخداع. إذا فاز ترامب بأربع سنوات أخرى، فإن هذه الفضائح لن تكون سوى قمة جبل الجليد".
وأضاف: "أنا متأكد من أن ترامب يعلم أنه سيواجه عقوبة السجن إذا ترك منصبه، وستلاحقه "الكارما" الحتمية المتمثلة في هتافات مؤيديه في حملته العام 2016 "احبسها، احبسها!"، في إشارة إلى منافسته حينئذ هيلاري كلينتون .
أبرز ما كان قد كشف عنه كوهين بعد أن اختلف مع ترامب في بداية عهد الرئاسي أمام الكونغرس أنه، ترمب، ارتكب جرائم انتخابية وسعى لعقد صفقة عقارية في موسكو في بداية العام 2016، ولكنه كذب بشأن عدم وجود أي علاقة له مع روسيا حين سُئل عن ذلك قبل الانتخابات.
في المقدمة، لم يوضح كوهين بالتفصيل الجرائم التي يقول إن ترامب يخشى السجن بسببها، لكنه كتب: "من الاستحمام الذهبي في أحد نوادي الدعارة في فيغاس، إلى الاحتيال الضريبي، إلى الصفقات التي أبرمها مع المسؤولين الفاسدين من الاتحاد السوفياتي السابق، إلى ما "معرفة ووأد المؤامرات" التي تحاك ضده ولإسكات عشيقات ترامب السريات، لم أكن مجرد شاهد على صعود هذا الرئيس – بل كنت مشاركًا نشطًا ومتلهفًا في كل ما كان يقوم به."
جدير بالذكر أنه لطالما كانت هناك مخاوف من أن ترامب قد يرفض ترك منصبه الرئاسي إذا خسر في الانتخابات، وهي مخاوف تدفعها جزئياً تصريحات ترمب ومواقفه الواضحة من القضية.
ففي مقابلة في تموز/يوليو مع كريس والاس من قناة فوكس نيوز، رفض ترامب تأكيد قبوله بنتيجة الانتخابات إذا ما خسر فيها في تشرين الثاني/نوفمبر.
وقال ترمب، "يجب أن أرى. انظر، يجب أن أرى. لا، لن أقول نعم فقط. لن أقول لا، ولم أكن في المرة الأخيرة أقول مثل هذا الكلام أيضًا".
وردا على كل هذه التصريحات والتلميحات، قال بايدن لبرنامج "ذا ديلي شو" في حزيران/يونيو ومؤتمر للمتبرعين في تموز/يوليو أن أكبر مخاوفه قبل تشرين الثاني/نوفمبر هي أن ترامب سيحاول "سرقة" الانتخابات.
وتظهر مقدمة كتب كوهين تلك المخاوف، مؤكدة أن الدافع الأساسي لترامب في الحياة هو الفوز، مهما كان الثمن.
كتب كوهين: "كنت ضعيفًا جدًا أمام قوة هذا الرجل المغناطيسية لأنه بالنسبة لي قدم مزيجًا مسكرًا من القوة والشهرة والتجاهل التام للقواعد والوقائع التي تحكم حياتنا".
واختتم يقول: "بالنسبة لترامب، كانت الحياة لعبة وكل ما يهم هو الفوز".
وهو كلام يذكر تماما بما قالته ابنه شقيقه، ماري ترمب في كتابها السابق الذكر: "ولعل العبارة التي توصف بدقة أسلوب حياة "عمو دونالد" هي أن "الغش والاحتيال هما أسلوب حياة" بالنسبة إلى دونالد ترمب. وتسرد أنه منذ بداية حياته والرجل يمارس كل صور الغش والاحتيال لكي ينجح! إحدى أبرز هذه الحوادث في بداية حياة ترمب تتلخص في أنه حين أخفق في الحصول على علامات عالية في امتحان أس أيه تي (SAT) تؤهله للالتحاق بجامعة بارزة في الولايات المتحدة، "استأجر" زميلا ذكيا له ودفع له مبلغا كبيرا من المال ليقوم بذلك.
هذا هو ترمب الحقيقي من أقرب المقربين إليه، الذي يتسابق بعض الزعماء على تقديم الهدايا المجانية له لمساعدته في الفوز في انتخابات الرئاسة المقبلة.
مفيد الديك اعلامي ودبلوماسي اميركي سابق