ليس في الحكومات الموريتانية الأخيرة من التمثيل السياسي إلا حضور الوزيرة بنت مكناس. الحكومة في العالم كله حكومة سياسية ويجب أن يكون أفرادها من الأقطاب السياسية الوازنة في الحزب أو الأحزاب المشكلة للحكومة.
لكن هنا في موريتانيا هذه القاعدة الكونية مغيبة، وربما تأتيك حكومة كاملة ولا تجد فيها من الوجوه السياسية إلا واحد أو اثنان، وحضور بنت مكناس في الحكومات السابقة هو الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ويعطي الانطباع أنها حكومة سياسة على الرغم من أن معظمها تكنوقراط أو أشخاص غير معروفين في النشاط السياسي المحلي أو الجهوي أو الوطني.
التوزير منصب سياسي ولا يجب أن يشغله إلا شخص ذا حضور سياسي قوي في دائرته الانتخابية أو في منطقته، وله الخبرة المثبتة والقوة والكاريزما على حشد الجمهور وقيادته. لا معنى لهذا التفلت والتسيب في أن يتاح المنصب لكل هاو أو متوثب ولا رصيد سياسي أو انتخابي له.
ثم إن عدم احترام هذه القاعدة يؤدي إلى التشتت والتشرذم وغياب القيادة المحلية أو الجهوية الجامعة والتي يسهل معها قيادة الجمهور وتوجيهه، وكان ولد الطايع يراعي هذا المعيار، فهذا الوزير يحسب على هذه المنطقة وهذا الآخر يحسب على هذه الناحية، ويقوم هذان بعملهما في رص صفوف من والاهما وتعزيزها وزيادة الدعم والتحشيد للرئيس.
أما أن توزّر شخصا لا رصيد سياسي أو انتخابي له، فهو عمل عبثي ولا يؤتي أي ثمار ثم إنه لا يستطيع أن يحشد أو يعزز شيئا لأنه لا أرضية له ولا أساس، فكيف مثلا بمن لا يعرف منطقة أو جهة أن يوزّر عنها؟ وكيف بمن لا يستطيع أن يجمع الناس لمكتب تصويت واحد أن يوحد مقاطعة أو جهة في خيار واحد؟